شرطهما إلَّا إذا احتجا بكل منهما على صورة الاجتماع.
وكذا إذا كان الإسناد قد احتج كلٌّ منهما برجل منه، ولم يحتج بآخَرَ منه، كالحديث الذي يروى من طريق شعبة مثلًا سماك عن بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فإن مسلمًا احتج بحديث سماك إذا كان من رواية الثقات عنه، ولم يحتج بعكرمة، واحتج البخاري بعكرمة دون سماك، فلا يكون الإسناد والحالة هذه على شرطهما، فلا يجتمع فيه صورة الاجتماع، وقد صرّح بذلك الإمام أبو الفتح القشيري وغيره.
واحترزتُ بقولي: أن يكون سالمًا من العلل، بما إذا احتجا بجميع رواته على صورة الاجتماع إلا أن فيهم من وصف بالتدليس، أو اختلط في آخر عمره، فإنا نعلم في الجملة أن الشيخين لم يخرجا من رواية المدرّسين بالعنعنة إلا ما تحققا أنه مسموع لهم من جهة أخرى، وكذا لم يخرجا من حديث المختلطين عمن سمع منهم بعد الاختلاط إلا ما تحققا أنه من صحيح حديثهم قبل الاختلاط، فإذا كان كذلك لم يجز الحكم للحديث الذي فيه مدلّس قد عنعنه، أو شيخ سمع ممن اختلط بعد اختلاطه، بأنه على شرطهما، وإن كانا قد أخرجا ذلك الإسناد بعينه، إلا إذا صرّح المدلس من جهة أخرى بالسماع، وصح أن الراوي سمع من شيخه قبل اختلاطه، فهذا القسم يوصف بكونه على شرطهما أو على شرط أحدهما، ولا يوجد في "المستدرك" حديث بهذه الشروط لم يخرجا له نظيرًا أو أصلًا إلا القليل (١).
نعم، وفيه جملة مُستكثَرةٌ بهذه الشروط، لكنها مما أخرجها الشيخان أو أحدهما استدركها الحاكم واهمًا في ذلك ظنًا أنهما لم يخرجاها.
القسم الثاني: أن يكون إسناد الحديث قد أخرجا لجميع رواته لا على سبيل الاحتجاج، بل في الشواهد والمتابعات والتعاليق أو مقرونًا بغيره، ويلحق بذلك ما
(١) سيذكر الحافظ ابن حجر في آخر كلامه المنقول عنه أن الذي يَسلَم من "المستدرك" على شرطهما أو شرط أحدهما مع الاعتبار الذي حرّره دون الألف حديث. فهذا تفسير مراده هنا بالقليل.