للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهذا، بل في "المستدرك" شيءٌ كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقلُّ، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها عللٌ خَفيّة مُؤثّرة، وقطعةٌ من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مَناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردتُ منها جزءًا، وحديث الطير بالنسبة إليها سماءٌ، وبكل حالٍ فهو كتابٌ مفيدٌ قد اختصرته، ويُعوز عملًا وتحريرًا (١).

وقد أورد ابن حجر كلام الذهبي هذا في الرد على الماليني، ثم قال: وهو كلام مجمل يحتاج إلى إيضاح وتبيين، من الإيضاح أنه ليس جميعه كما قال، فنقول: ينقسم "المستدرك" أقسامًا، كل قسم منها يمكن تقسيمه:

الأول: أن يكون إسنادُ الحديث الذي يُخرجه محتجًا برواته في "الصحيحين" أو أحدهما على صورة الاجتماع، سالمًا من العلل، واحترزنا بقولنا: على صورة الاجتماع، عما احتجا برواته على صورة الانفراد، كسفيان بن حسين عن الزهري، فإنهما احتجا بكل منهما، ولم يحتجا برواية سفيان بن حسين عن الزهري؛ لأنَّ سماعه من الزهري ضعيف دون بقية مشايخه، فإذا وُجِد حديث من روايته عن الزهري لا يُقال: على شرط الشيخين؛ لأنهما احتجا بكل منهما، بل لا يكون على


(١) "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ١٧٦. وعبارة الذهبي هنا أضبط من عبارته التي قالها في "تاريخ الإسلام"، ٩/ ٩٨ - ٩٩، حيث قال: في هذا "المستدرك" جملة وافرة على شرطهما، وجملة كبيرة على شرط أحدهما، لعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب، وفيه نحو الربع مما صح سنده، وفيه بعض الشيء أو له علةٌ، وما بقي وهو نحو الربع، فهو مناكير وواهيات لا تصح، وفي بعض ذلك موضوعات، قد أعلمتُ لما اختصرت هذا "المستدرك"، ونبّهتُ على ذلك. لأنَّ كتاب "السير" من آخر مصنفات الحافظ الذهبي، أي: بعد أن خاض غمار دراسة الحديث ورجاله، وأمضى سنين طويلة من البحث والتحقيق والمراجعة، ولهذا فإن تقريراته فيه وتحقيقاته لا شك أنها أضبط مما في كتبه السابقة، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>