للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بزيادةٍ، أن الحُكمَ فيه للزائد ما دام ثقةً، ولذلك ختم كلامه في مقدمته تلك بقوله: شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام: أنَّ الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة (١).

ولهذا -مثلًا- بعد أن أسند حديث أبي أيوب عن رسول الله : "الوتر حق"، قال: لستُ أشكُ أن الشيخين تركا هذا الحديث لتوقيف بعض أصحاب الزهري إياه، هذا مما لا يُعلّل مثل هذا الحديث، والله أعلم (٢).

قال ابن حجر: وجزم ابن حبان والحاكم وغيرهما بقبول زيادة الثقة مطلقًا في سائر الأحوال، سواء اتحد المجلس أو تعدّد، سواء أكثر الساكتون أو تساووا، وهذا قول جماعة من أئمة الفقه والأصول، وجرى على هذا الشيخ محيي الدين النووي في مصنفاته، وفيه نظر كثير؛ لأنه يَرِدُ عليهم الحديثُ الذي يَتَّحِد مَخرَجُه، فيرويه جماعة من الحفّاظ الأثبات على وجه، ويرويه ثقة دونهم في الضبط والإتقان على وجه يشتمل على زيادةٍ تخالف ما رووه، إما في المتن وإما في الإسناد، فكيف تُقبَل زيادته، وقد خالفه من لا يَعْفُل مثلهم عنها لحفظهم أو لكثرتهم، ولا سيما إن كان شيخهم ممن يُجمع حديثه ويُعتنى بمروياته، كالزهري وأضرابه، بحيث يُقال: إنه لو رواها لسمعها منه حفاظ أصحابه، ولو سمعوها لرووها، ولما تَطابَقُوا على تركها (٣).

وقال صدّيق حسن خان: جُلُّ ما تفرد به "المستدرك" كالموكى عليه المخفي مكانه في زمن مشايخ الشيخين، وإن اشتهر أمره من بعد أو ما اختلف المحدثون في رجاله فالشيخان كأساتذتهما، كانا يعتنيان بالبحث عن خصوص الأحاديث في الوصل والانقطاع وغير ذلك حتى يتضح الحال، والحاكم يعتمد في الأكثر [على قواعد] مخرَّجة من صنائعهم، كقوله: زيادة الثقات مقبولة، وإذا اختلف الناس في


(١) انظر مثال ذلك عند الحاكم في الأحاديث: (١٥٨ - ١٦٠) و (١٦١ - ١٦٢) و (٥٠٠٦).
(٢) "المستدرك" (١١٤٧).
(٣) "النكت على ابن الصلاح" ٢/ ٦٨٧ - ٦٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>