للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيما أجازه من كتاب "المستدرك" (١)، وهذا يفيد أنه ترك منه قسمًا مُسوَّدًا لم يُراجعه ولم يُنقّحه، لأنَّ الحاكم على عادة المحدّثين في مجالس الإملاء لما كان يريد إملاء قسم من الكتاب على تلامذته كان يراجع ذلك القسم الذي ينوي إملاءه، ولكنه حال دون إتمام إملائه أمرٌ ما، فترك قسمًا منه، وأجاز به تلامذته، ومنهم البيهقي، فظهر فيه ما ظهر؛ مما عَجِل فيه الحاكم في حُكمه، أو مما نسيه من أحوال الرجال بحُكم كبر سنه، أو مما يكون قد نقله من بعض كتبه فسبَقَ قلمه بنقل خاطئ، إلى غير ذلك من الاحتمالات.

وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن حجر حين قال معتذرًا عن الحاكم فيما وقع له من أوهام: وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سَوّد الكتاب ليُنقّحه فأعجلته المَنيّةُ، قال: وقد وجدتُ في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من "المستدرك": إلى هنا انتهى إملاء الحاكم، قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخَذُ عنه إلا بطريق الإجازة، فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس له ملازمةً البيهقي، وهو إذا ساق عنه من غير المُملى شيئًا لا يذكره إلا بالإجازة، قال: والتساهل في القدر المُملَى قليل جدًا بالنسبة إلى ما بعده (٢).

وقد نوَّه البيهقي في مواضع من كتبه إلى بعض أخطاء شيخه الحاكم وأوهامه في كتابه "المستدرك" (٣).

ومن هذه الاعتراضات تصحيحه أحاديثَ قوم ضعفهم هو، بل أحاديثَ قومٍ آخرين أطلق عليهم الكذب:

فقد صحح لقوم تكلَّم فيهم هو في كتابه "المدخل إلى الصحيح"، مع أنه قال في مقدمة كتاب "المدخل": وأنا مبين - بعون الله وتوفيقه - أسامي قوم من


(١) انظر "السنن الكبرى" ٨/ ٢٧٢ و ١٠/ ١٩٦، و "البعث والنشور" (٤٦٥).
(٢) نقله عنه تلميذه البرهان البقاعي في "النكت الوفية بما في شرح الألفية" ١/ ١٤٢.
(٣) انظر "المدخل إلى السنن الكبرى" (٤٢٣ - ٤٢٤)، و "السنن الكبرى" ٦/ ٢٧٩ و ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>