للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المجروحين، ممن ظهر لي جرحهم اجتهادًا ومعرفةً بجرحهم، لا تقليدًا فيه لأحد من الأئمة، وأتوهم أن رواية أحاديث هؤلاء لا تَحِلُّ إلا بعد بيان حالهم.

قال الزركشي: صحح في "المستدرك" أحاديث جماعةٍ، وأخبر في كتاب "المدخل" أنهم لا يُحتج بهم، وأطلق الكذب على بعضهم، هذا مع أن مستند تصحيحه ظاهرُ السَّنَد، وأنَّ رواته ثقات، ولهذا يقول: صحيح الإسناد، وصحة الإسناد شرط من شروط [صحة] الحديث، وليست مُوجبةً لصحته، بل في "المستدرك" أحاديث مسكوت عنها، وأسانيدها صحيحةٌ أو حسنةٌ أو ضعيفةٌ، فيُحكم عليها بما يقتضيه حال أسانيدها (١).

فهذا غريب من الحاكم حقًا، اللهم إلا أن يكون الجرح في بعضهم خاصًا بحالة التفرُّد، إما لسوء الحفظ أو لمذهب غير محمود؛ كالرفض مثلًا، ويكون تصحيحُ الحاكم لمثل هؤلاء إما لمتابعة الثقات لهم على مثل رواياتهم، بما يدل على أنهم أصابوا فيها، أو لكونهم رَوَوا ما يُخالف مذاهبهم، فيُظَنُّ عند ذلك الصدق، فمِثلُ هذا ممكن، وأما ما عداه فتصرُّفٌ غريب منه، لكن يبقى احتمال أن يكون اجتهاده قد تغيّر فيمن صحح له منهم، والله تعالى أعلم.

على أنه كان يَنصُّ على كثيرٍ منهم بأنهم ليسوا من شرط كتابه، ويروي لهم في الشواهد، كما في الأمثلة التي سبق ذكرها في الفرع العاشر من المطلب الثاني.

ونحن وإن كنا نوافقه فيمن يمكن انجبار روايته منهم بالمتابعات والشواهد، فإننا لا نوافقه الرأي فيمن أطلق عليه الكَذِب منهم، أو أنه روى نسخة موضوعةً، ومن أمثلة ذلك:

أ- ما قاله في حق حسين بن عُلوان في "المدخل": شيخ من أهل مكة، روى عن هشام بن عروة أحاديث أكثرها موضوعة (٢)، ثم يروي له عن هشام بن عروة عن أبيه


(١) "النكت على مقدمة ابن الصلاح" ١/ ٢٢٦.
(٢) "المدخل إلى الصحيح" ١/ ١٥٨ ترجمة (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>