للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عن جُندُب قال: أتيتُ المدينة لأتعلَّمَ العلمَ، فلما دخلتُ مسجدَ رسول الله إذا الناسُ فيه حَلَقٌ يتحدَّثون، قال: فجعلتُ أَمضي حتى انتهيتُ إلى حَلْقَةٍ فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبانِ كأنما قَدِمَ من سفر، فسمعتُه يقول: هَلَكَ أصحابُ العَقْدِ وربِّ الكعبة، ولا آسَى عليهم - يقولها ثلاثًا - هَلَكَ أصحابُ العَقْد وربِّ الكعبة، هَلَكَ أصحابُ العَقْد وربِّ الكعبة (١)، قال: فجلستُ إليه فتحدَّث ما قُضِيَ له، ثم قام، فسألتُ عنه، فقالوا: هذا سيِّدُ الناس أُبيُّ بن كعب.

قال: فتبعتُه إلى منزله، فإذا هو رَثُّ المنزل، رَثُّ الكِسْوة، رثُّ الهيئة، يُشبِهُ أمرُه بعضُه بعضًا، فسلَّمتُ عليه، فردَّ عليَّ السلامَ، قال: ثم سألني: ممَّن أنت؟ قال: قلت: من أهل العراق قال: أكثرُ شيءٍ سؤالًا، وغَضِبَ، قال: فاستقبلتُ القِبلةَ، ثم جَثَوتُ على ركبتيَّ ورفعتُ يديَّ هكذا - ومدَّ ذراعيه - فقلت: اللهمَّ إنا نَشكُوهم إليك، إنا نُنفِقُ نَفَقاتِنا ونُنصِبُ أبدانَنا، ونَرحَلُ مَطَايانا ابتغاءَ العلم، فإذا لَقِيناهم تَجهَّموا لنا، وقالوا لنا، قال: فبَكَى أُبيٌّ وجعل يترضَّاني، ويقول: وَيحَك، إني لم أَذهب هناك، ثم قال أُبيّ: أعاهدُك لَئِن أَبقَيتَني إلى يوم الجمعة لأتكلَّمَنَّ بما سمعتُ من رسول الله ، لا أخافُ فيه لومةَ لائم، قال: ثم انصرفتُ عنه وجعلت أنتظرُ يومَ الجمعة، فلما كان يومُ الخميس خرجتُ لبعض حاجتي، فإذا الطريقُ مملوءةٌ من الناس لا آخُذُ فِي سِكَّة إلّا استقبَلَني الناسُ، قال: فقلت: ما شأنُ الناس؟ قالوا: إنا نَحسَبُك غريبًا، قال: قلت: أجل، قالوا: مات سيدُ الناس أبيُّ بن كعب، قال: فلَقِيتُ أبا موسى بالعراق فحدَّثتُه، فقال: هلَّا كان يبقى حتى تَبلُغَنا مَقَالتُه (٢).


(١) يريد بأصحاب العقد: الأُمراء، وذلك لأنَّ الناس يعقدون لهم البيعةَ بالإمارة والولاية.
(٢) إسناده جيد. أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب.
وسيأتي الحديث مختصرًا برقم (٥٤١١) من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي عن أبيه.
وأخرجه بطوله ابن سعد في "الطبقات" ٣/ ٤٦٥، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "الزهد" =

<<  <  ج: ص:  >  >>