للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزُّهْري قال: أخبرني أبو سَلَمة بن عبد الرحمن قال: كان ابن عبَّاس يحدِّث: أنَّ أبا بكر الصِّدِّيق دخل المسجدَ وعمرُ بنُ الخطَّاب يحدِّث الناس، فأَتى البيتَ الذي تُوفِّي فيه رسولُ الله ، فكَشَفَ عن وجهه بُرْدَ حِبَرةٍ وكان مُسجًّى به، فنظر إليه فأكَبَّ عليه ليقبِّلَ وجهَه، وقال: والله لا يَجمَعُ اللهُ عليك مَوتَتينِ بعد موتتِك التي لا تموتُ بعدَها.

ثم خرج إلى المسجد وعمرُ يُكلِّم الناسَ، فقال أبو بكر: اجلِسْ يا عمر، فأَبى، فكلَّمه مرَّتين أو ثلاثًا، فأَبى، فقام فتَشهَّد، فلما قَضَى تشهُّدَه قال: أَمَّا بعدُ، فمن كان يَعبُدُ محمدًا، فإنَّ محمدًا قد مات، ومَن كان يَعبُد اللهَ، فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، ثم تلا ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ تلا إلى ﴿الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤]، فما هو إِلَّا أَنْ تَلَاها فأيقَنَ الناسُ بموت رسول الله ، حتى قال قائل: لم يَعلَمِ الناسُ أنَّ هذه الآيةَ أُنزِلت حتى تَلَاها أبو بكر.

قال الزُّهْري: فأخبرني سعيد بن المسيّب: أنَّ عمر بن الخطَّاب قال: لمّا تلاها أبو بكر: عَقِرتُ حتى خَرَرتُ إلى الأرض، وأيقَنتُ أنَّ رسول الله قد مات (١).

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخرجاه بهذه السِّياقة.


(١) إسناده صحيح. هو بطوله في "مصنف عبد الرزاق" (٩٧٥٥).
وأخرج القطعة الأولى منه أحمد ٥/ (٣٠٩٠) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرج القطعتين الثانية والثالثة منه البخاري (١٢٤٢) وابن حبان (٦٦٢٠) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به. وقرن بمعمر يونسَ بنَ يزيد، واقتصر البخاري على القطعة الثانية منه.
وأخرجهما أيضًا البخاري (٤٤٥٤) من طريق عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، به.
والبُرْد الحِبَرَة: ثوب يمانٍ من قطن أو كتّان مخطَّط ملوَّن.
ومسجًّى به، أي: مغطَّى به.
وقول عمر: "عَقِرتُ" أي: خارت قواي فلم تحملني قدماي من شدَّة الصَّدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>