والشطر الثاني منه -وهو قوله: قد كان أهل الجاهلية … إلخ- سيأتي عند المصنف برقم (٧٢٩١) من طريق محمد بن شريك عن عمرو بن دينار، وفيه بيانُ أنه من قول ابن عباس رواه عنه أبو الشعثاء. قلنا: الذي كان يأباه ابنُ عبَّاس ﵄ فيما يُروى من النهي عن لحوم الحمر الأهلية هو أنها محرَّمة لذاتها، فقد كان يتردَّد في سبب النهي كما روى البخاري في "صحيحه" (٤٢٢٧) من طريق الشعبي عنه قال: لا أدري أَنَهى عنه رسول الله ﷺ -أي: عن لحم الحُمر الأهليَّة يوم خيبر- من أجل أنه كان حَمُولةَ الناس فكره أن تذهب حمولتُهم، أو حرَّمه؟! وإلّا فالنهي عن لحومها قد جاء مرويًا عن عشرة من الصحابة غير الحكم أو أكثر، وكلها أحاديث صحيحة أخرجها الشيخان وغيرهما، وقد أزال هذا التردُّدَ الذي وقع لابن عبَّاس حديثُ أنس بن مالك عند البخاري (٤١٩٨) و (٥٥٢٨) حيث جاء فيه مرفوعًا: "فإنها رِجْس"، وكذا الأمر بغسل الإناء من أثرها في حديث سلمة بن الأكوع عند البخاري أيضًا (٤١٩٦)، وهذا حكم المتنجِّس، فيستفاد من هذين الحديثين تحريم أكلها، وهما دالَّان على تحريمها لعينها لا لمعنًى آخر، كما قال غير واحد من أهل العلم فيما نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١٧/ ١١٦، وانظر بقية كلامه هناك في الردِّ على الاستدلال بآية الأنعام. (١) إسناده صحيح. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه. وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٣٨٠) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. وأخرجه اللالكائي في "أصول الاعتقاد" (٩٧٠) من طريق ابن شيرويه، عن إسحاق بن راهويه، =