للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ثم قال أُويس: إنَّ هذا المجلس يَغشاهُ ثلاثةُ نَفرٍ: مؤمنٌ فقيه، ومؤمنٌ لم يَفقَهْ، ومنافقٌ، وذلك في الدنيا مِثلُ الغيثِ يَنزِلُ من السماءِ إلى الأرضِ فيصيبُ الشجرةَ المُورِقةَ المُونِعةَ (١) المثمِرةَ، فيزيد ورقَها حُسْنًا ويزيدُها إيناعًا، وكذلك يزيد ثمرتَها طِيبًا، ويصيبُ الشجرةَ المُورِقةَ المُونِعةَ التي ليس لها ثمرةٌ فيزيدها إيناعًا ويزيدها وَرَقًا وحُسنًا، ويكون لها ثمرةٌ فتَلحَقُ بأُختها، ويصيب الهَشِيمَ من الشجر فيَحطِمُه فيذهب به، قال: ثم قرأ الآية: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: ٨٢]، لم يُجالِسْ هذا القرآنَ أحدٌ إِلَّا قام عنه بزيادةٍ أو نُقْصان، فقضاءُ الله الذي قَضَى شِفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين، ولا يزيدُ الظالمين إلَّا خَسَارًا، اللهمَّ ارزُقْني شهادةً تسبق كِشْرتُها (٢) أَذاها وأمْنُها فَزَعَها، تُوجِب الحياةَ والرِّزق، ثم سكت.

قال أُسير: فقال لي صاحبي: كيف رأيتَ الرجل؟ قلت: ما ازددتُ فيه إِلَّا رَغْبةً، وما أنا بالذي أفارقُه. فَلَزِمْناه، فلم نَلبَثْ إِلَّا يسيرًا حتى ضُرِبَ على الناس بَعْثُ أميرِ المؤمنين عليٍّ، فخرج صاحبُ القَطِيفة أُويسٌ فيه وخرجنا معه فيه، وكنّا نسيرُ معه ونَنزِل معه حتى نَزَلْنا بحَضْرة العدوِّ.

قال ابن المبارك: فأخبرني حمَّادُ بن سَلَمة، عن الجُريري، عن أبي نَضْرة، عن أُسير بن جابر قال: فنادى منادي علي: يا خيلَ الله اركَبي وأَبشِري، قال: فصَفَّ الثُّلثين لهم، فانتَضَى صاحبُ القَطيفة أُويسٌ سيفَه (٣) حتى كَسَرَ جَفْنَه فألقاه، ثم جعل يقول:


(١) في الموضعين في (ز) و (ص) و (ع) بدل "المونعة": المونقة، والمثبت من (ب) و "التلخيص" و"إتحاف المهرة" (٢٠٣٩)، وهو الموافق لقوله بعدُ: إيناعًا، وهو كذلك في كتاب "الجهاد" لابن المبارك. والإيناع: إدراك الثمرة ونضجها، وأما الإيناق: فهو الإعجاب من الناظر.
(٢) في (ز) و (ب) بالسين مهملة، وفي (ص): ىشرىها، وفي "الجهاد": بشراها، ولعلَّ المثبت أوجه، والكِشْرة: الضحك والسرور.
(٣) في النسخ: بسيفه ومعنى "انتضى سيفه": أخرجه من غمده.

<<  <  ج: ص:  >  >>