للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كصَيَاصِي البَقَر (١) يريدون السجودَ فلا يستطيعون.

ثم يُؤمَرون فيَرفَعون رؤوسَهم فيُعطَونَ نورَهم على قَدْر أعمالهم، قال: فمنهم من يُعطَى نورَه مثلَ الجبل بين يديه، ومنهم من يُعطَى نورَه فوق ذلك، ومنهم من يُعطَى نورَه مثلَ النَّخْلة بيمينه، ومنهم من يُعطَى دون ذلك بيمينه، حتى يكونَ آخرُ ذلك من يُعطَى نورَه على إبهام قَدَمه، يُضيءُ مرةً ويَطفَأُ مرةً، فإذا أضاء قدَّمَه (٢)، وإذا طَفِئَ قام، قال: فيَمرُّ، ويمرُّون على الصِّراط، والصراطُ كحَدِّ السيف، دَحْضٌ مَزَلَّةٌ (٣)، فيقال لهم: انجُوا على قَدْرِ نُوركم، فمنهم من يمرُّ كانقِضاض الكوكب، ومنهم من يمرُّ كالطَّرْف، ومنهم من يمرُّ كالرِّيح، ومنهم من يمرُّ كشَدِّ الرَّجُل ويَرمُل رَمَلًا، فيمرُّون على قَدْر أعمالهم، حتى يمرَّ الذي نورُه على إبهام قدمِه، قال: تَخِرُّ يدٌ وتَعلَقُ يدٌ، وَتَخِرُّ رِجلٌ وتَعلَقُ، رجلٌ، وتصيبُ بجوانبه النارُ، قال: فيَخلُصون، فإذا خَلَصُوا قالوا: الحمد لله الذي نجَّانا منكِ بعد الذي أراناكِ، لقد أعطانا الله ما لم يُعطِ أحدًا.

قال مسروق: قَلَّما بَلَغَ عبدُ الله هذا المكانَ من هذا الحديث إلَّا ضَحِكَ، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لقد حدَّثتَ هذا الحديث مِرارًا، كلَّما بلغتَ هذا المكانَ من هذا الحديث ضحكتَ! فقال عبد الله: سمعتُ رسول الله يحدِّثُه مِرارًا، قَلَّما بَلَغَ هذا المكانَ من هذا الحديث إلَّا ضَحِكَ حتى تَبدُوَ لَهَواتُه ويَبدُوَ آخرُ ضِرسٍ من أضراسه، لقول الإنسان: أَتهزَأُ بي وأنت ربُّ العالمين؟! فيقول: لا، ولكنِّي على ذلك قادرٌ، فسَلُوني (٤).


(١) أي: كقرون البقر، قاسية يابسة.
(٢) أي: إذا أضاء إبهام قَدَمه قدَّمه إلى الأمام، ووقع في (ص): فإذا أضاء مَشَى.
(٣) الدَّحض المزلَّة. الموضع الذي تزلّ وتَزلَق فيه الأقدام ولا تستقرّ.
(٤) إسناده حسن من أجل أبي خالد الدالاني، والمنهال بن عمرو وثقه ابن معين وغيره، وقال الدارقطني: صدوق. والحديث وإن كانت صورته الوقف هنا، فإنَّ في آخر الحديث ما يُنبئ بالرَّفع. أبو عبيدة: هو ابن عبد الله بن مسعود. =

<<  <  ج: ص:  >  >>