للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحمد بن محمد بن حَمدُون الشَّرْمَقَاني، حيث قال: آخر ما فارقتُه بنَسا في رجب سنة إحدى وستين وثلاث مئة (١). فكيف يلتئمُ هذا وذاك؟ الظاهر أنه بعد أن مَكَث بنَسَا تلك الأشهر فارقَها في رجب تلك السنة ليعود إلى بُخارى مرةً أخرى، أو أنه رجَع إلى بلده نيسابور أولًا، إذ ليست نَسَا ببعيدة عن نيسابور نسبيًّا، ليبقى فيها مدةً، ثم انطلق منها إلى بُخارى في تلك الرحلة الثالثة.

وكان الحاكم في أثناء رحلاته إلى بُخارى يمرُّ ببِيكَنْد، وهي من أُولى بلاد ما وراء النهر للذاهب إلى بُخارى (٢)، فقد صرّح الحاكم في بعض رواياته بسماعه في بيكند من أبي محمد أحمد بن محمد بن واصل المُطَّوِّعي. ولم يتبين لنا تاريخ حضوره فيها، لكن لكونها على طريقه إلى بُخارى لا بدّ أن يكون وردها في سائر رحلاته إلى بُخارى.

إذًا فقد تعددت رحلات الحاكم إلى بلاد خُراسان وبلاد ما وراء النهر؛ ذهابًا وإيابًا، في تلك السنوات الثلاث من سنة تسع وخمسين إلى سنة إحدى وستين.

والظاهر أن طريقه في معظم رحلاته إلى بُخارى وبلاد ما وراء النهر كان من جهة نَسَا، ثم مُرورًا بمَرُو، مجتازًا إلى بيِكَنْد، وصولًا إلى بُخارى، وربما يكون طريقُه في بعض رحلاته من نيسابور إلى بُخارى من جهة طُوس ثم سَرْخَس ثم مَرْو، مجتازًا نهر جيحون إلى بِيكند فبُخارى؛ فهما طريقان معروفتان إلى بلاد ما وراء النهر، ومما يدلُّ على خروج الحاكم أحيانًا إلى بلاد ما وراء النهر من هذه الطريق الثانية، قولُه في ترجمته لأبي علي زاهر بن أحمد السَّرْخَسِي: دخلت سَرْخَس أولَ ما دخلتها سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة، ودخلتُها بعد ذلك سبعَ مرات (٣). وهذا


(١) "الأنساب" نسبة (الشرمقاني).
(٢) بينهما خمسة فراسخ؛ أي: ما يقارب ٢٩ كم.
(٣) "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي ٣/ ٢٩٤. وسرخس اليوم كما سبق تقع في جمهورية تركمانستان على مسافة ٢٧٠ كم تقريبًا من نيسابور.

<<  <  ج: ص:  >  >>