للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَدَّيه، فكانوا تسعةً، وكان صالحٌ لا ينام معهم في القرية، كان في البرية في مسجد يُقال له: مسجد صالح، فيه يبيتُ بالليل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذَكَّرهم، وإذا أمسى خرج إلى المسجد فبات فيه".

قال رسول الله : "ولما أرادوا أن يمكروا بصالحٍ مَشَوا حتى أَتَوا على سَرَبٍ (١) على طريق صالح، فاختبأ فيه ثمانيةٌ، وقالوا: إذا خَرَج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيَّتْناهم، فأمر الله الأرضَ فاستوتْ عليهم، فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة، وهي على حوضِها قائمةً، فقال الشَّقيُّ لأحدهم: ائتها فاعقِرُها، فأتاها فتَعاظَمَه ذلك، فأَضْرَبَ عن ذلك، فبعثَ آخر فأعظم ذلك، فجعل لا يبعث رجلًا إِلَّا تَعاظَمَه ذلك مِن أمرها، حتى مشى إليها ويتطاول (٢)، فضرَب عُرْقُوبَها فَوَقَعَتْ تَركُضُ، فأتى رجلٌ منهم صالحًا، فقال: أدرك الناقة، فقد عُقرتْ، فأقبل وخرجُوا يتلقونه ويعتذِرُون إليه: يا نبي الله، إنما عَقَرها فلانٌ، لا ذَنْبَ لنا، قال: انظروا هل تُدرِكُون فَصِيلَها، فإن أدركتُموه فعسى الله أن يرفع عنكم العذابَ، فخرجُوا يَطلبونه، ولما رأى الفَصيلُ أمه تضطرِبُ أتى جبلًا يقال له: القارة، قصيرًا، فصعِد، وذهبوا يأخذُوه، فأوحى الله إلى الجبل فطَالَ في السماء حتى ما تناله الطير.

قال: ودخل صالحٌ القرية، فلما رآه الفَصِيلُ بكى حتى صارت (٣) دموعه، ثم استقبل صالحًا فرَغَا رَغْوةً، ثم رَغَا أَخرى، ثم رَغَا أُخرى، فقال صالحٌ: لكل رغوة أجل يوم ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥]، أَلا إِنَّ آية العذابِ أنَّ اليوم الأول تصبح وجوههم مُصفَرةً، واليوم الثاني مُحمرّةً، واليوم الثالث مُسْودَّةً.

فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنما طُلِيَتْ بالخَلُوق، كبيرهم وصغيرهم، ذكَرُهم


(١) بالمهملة المفتوحة بعدها راء مفتوحة أيضًا: بيت في الأرض لا مَنفَذَ له، وهو الوَكْر.
(٢) المعنى: مشى وهو يرفع نفسه متكبرًا في مشيته.
(٣) من قولهم صار الشيءُ يَصير: إذا مالَ وانكفأ، فهي بمعنى سالت.

<<  <  ج: ص:  >  >>