وأما حديث أبي هريرة، فيرويه محمد بن كثير الكوفي عند أبي الحسن السكري الحربي الصيرفي في "الجزء الثاني من الحربيات" (١٩) - ومن طريقه ابن عساكر ٣/ ٤١١ - ٤١٢ - عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أبي هريرة: أنَّ النبي ﷺ ولد مختونًا. ومحمد الكوفي ضعيف، وكذا إسماعيل بن مسلم، وهو الطائفي، بل تركه غيرُ واحد، والحسن - وهو البصري - لم يسمع من أبي هريرة. وأما حديث أبي بكرة، فيرويه عبد الرحمن بن عيينة البصري عند الطبراني في "الأوسط" (٥٨٢١)، وأبي نعيم في "الدلائل" (٩٣)، وابن عساكر ٣/ ٤١٠ عن علي بن محمد السلمي المدائني، عن مسلمة بن محارب بن سلم، عن أبيه، عن أبي بكرة: أن جبريل ﵇ ختن النبي ﷺ حين طهَّر قلبه. وقال الطبراني: تفرَّد به عبد الرحمن. قلنا: وإسناده مسلسل بالمجاهيل؛ عبد الرحمن بن عيينة لم نعرفه، وعلي السلمي ليّن، ومسلمة بن محارب وأبوه، ترجم لهما البخاري وابن أبي حاتم، وسكتا عنهما، وهما مجهولان، ومع ذلك أوردهما ابن حبان في "الثقات". وقال الذهبي عن هذا الخبر في "تاريخ الإسلام" ١/ ٤٨٦: منكر. وروى ابن عبد البر في "الاستيعاب" ص ٣٧، وفي "التمهيد" ٢١/ ٦١ و ٢٣/ ١٤٠ من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني، عن الوليد بن مسلم، عن شعيب بن أبي حمزة، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة عن ابن عباس: أنَّ عبد المطلب ختن النبيَّ ﷺ يومَ سابعه، وجعل له مأدبة، وسماه محمدًا. وقال غريب. قلنا: وفي إسناده محمد بن عيسى بن رفاعة متَّهم. وقد سئل الإمام أحمد كما في "السنة" للخلال (٢٠٢): هل ولد النبي ﷺ مختونًا؟ فقال: الله أعلم، ثم قال: لا أدري. فلو صحَّ عنده شيء لقالَ به، والله تعالى أعلم.