للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - أن نيسابور بوصفها كانت كبرى مدن خراسان، فكان يؤمُّها أهلُ بَلْخ وهَرَاة، فكان يتهيأ لأبي عبد الله الحاكم اللقاءُ بهم فيها، فيستريح بذلك من عناء الرحلة إليهم.

٢ - أن نيسابور كانت على أهمِّ طريق لأهل تلك النواحي لدى ذهابهم إلى الحج، فكان لا بدَّ لهم من العُبور من خلالها، فكانت لهم محطةً يَستريحون فيها لأيام، بل كان ينطلق معهم من أهل نيسابور جماعةٌ بقصد الحج أيضًا، وبذلك كان يُتاحُ للحاكم السماعُ من الشيوخ البلخيين والهرويين وغيرهم من أهل تلك النواحي المارِّين بنيسابور، كما أشار إليه الحاكمُ في ترجمته لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد الشَّمّاخي الصَّفّار الهَرَوي (١)، وترجمته لأبي نصر محمد بن محمد بن حامد التِّرمِذي الزاهد (٢)، وترجمته لأبي حامد أحمد بن محمد بن شارَك الفقيه الهَرَوي (٣). وربما كان يخرج بصحبتهم للحج، فيَسمع منهم في الطريق؛ فلا يحتاج بعد ذلك إلى الرحيل إليهم، ولو علم عندهم زيادةً على ما سمعه لرحل في تحصيل ذلك، ولا سيما أنه رحل إلى عددٍ من بلاد ما وراء النهر، وهي أبعدُ في المسافة من هَرَاة بمراحل طويلة، والله تعالى أعلم.

وبعد ذلك في سنة خمس وستين أرّخ لنا الحاكمُ رحلتَه الثالثة إلى الحج، كما في ترجمته لأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد عبد الله بن مِهْران البغدادي، حيث قال: وفي سنة خمس وستين في الحج طلبتُه في القوافل، فأخفَى نفسَه، فحججتُ سنة سبع وستين، وعندي أنه بمكة، فقالوا: هو ببغداد، فاستوحشتُ من ذلك وتَطلَّبتُه (٤). قلنا: لكن لم يُسجِّل لنا الحاكم في سنة خمس وستين حُضورَه في


(١) "الأنساب" نسبة (الشماخي).
(٢) "تاريخ بغداد" ٤/ ٣٥٥. وترمذ قريبة جدًّا من بلخ.
(٣) "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي ٣/ ٤٥.
(٤) "سير أعلام النبلاء" ١٦/ ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>