ولم يُتابع عليه ذلك، ورواية عُقيل وموسى بن عُقبة مع رواية معمر التي عند عبد الرزاق أشبه وأولى بالصواب، والله أعلم، وروايتهم صريحة في كون الذي كسا رسول الله ﷺ وأبا بكر ثياب البياض هو الزبير بن العوام نفسه. وخالف الزُّهري فيه هشام بن عروة عند ابن سعد في "طبقاته" ٣/ ١٥٨، وابن أبي شيبة في "مصنفه" ١٤/ ٣٣٥، والبلاذري في "أنساب الأشراف" ١٠/ ٦٠ - ٦١ من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ الذي كسا رسول الله ﷺ وأبا بكر الثياب البيض طلحة بن عبيد الله، لا الزبير بن العوام، ورجاله ثقات. وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" ١١/ ٤٦٢ أنه رواه كذلك ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، وأنه رواه أيضًا ابن عائذ في "مغازيه" من حديث ابن عباس. قال: فتعيَّن تصحيح القولين. قلنا: يعني أن كلًا من طلحة والزبير أهدى للنبي ﷺ وأبي بكر من الثياب. وممن روى أنَّ طلحة هو الذي أهداهما الثياب موسى بن عقبة عند البيهقي في "الدلائل" ٢/ ٤٩٨، لكنه صدّره بقوله: ويقال على التمريض، ثم قال موسى بن عقبة: وزعم ابن شهاب أنَّ عروة بن الزبير قال: إنَّ الزبير لقي رسول الله ﷺ … فكسا الزبير رسول الله ﷺ وأبا بكر ثيابًا بيضًا. وعليه فلا ندري ما وجه قول ابن حجر بأنَّ أهل السير يرون أنه طلحة بن عبيد الله، وقد علمنا ما فيه من الاختلاف عن أهل السير أنفسهم، فالله تعالى أعلم. والأُطم، بضمة فسكون أو بضمتين: القصر، أو البناء المرتفع. وقوله: "مبيِّضين"، بتشديد الياء وكسرها، أي: لابسين ثيابًا بيضًا. ويُزول بهم السراب، أي: يرفعهم ويظهرهم، يقال: زال منه السراب: إذا ظهر شخصه فيه خيالًا. وظَهْر الحرة: ظاهرها، والحرة أرض بظاهر المدينة المنورة بها حجارة سود كثيرة.