للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما خرج الخبرُ إليهما بذلك، ومع أبي سفيان بن الحارث ابنٌ له فقال: والله لَيأْذَنَنَّ رسولُ أو لأخُذَنّ بيَدِ ابني هذا، ثم لَنَذْهَبنّ في الأرض حتى نموتَ عَطَشًا أو جُوعًا، فلما بلغ ذلك رسول الله رقَّ لهما، فدخَلا عليه.

فأنشدَه أبو سفيان قولَه في إسلامِه واعتذارِه ممّا كان مَضى منه، فقال:

لَعَمرُكَ إني يومَ أحملُ رايةً … لتَغلِبَ خَيلُ اللَّاتِ خَيلَ محمدِ

لَكالمُدْلِجِ الحَيرانِ أظْلَمَ لَيلُهُ … فهذا أَوانُ الحقِّ أُهدَى وأَهتَدِي

فقُل لثَقِيفٍ: لا أريدُ قِتالَكم … وقُل لثَقِيفٍ: تلك عندي فأوعِدِ

هدانيَ هادٍ غيرُ نفسِي ودَلَّني … إلى الله مَن طَرَّدتُ كلَّ مُطَرَّدِ

أَفِرُّ سريعًا جاهدًا عن محمدٍ … وأُدعى ولو لم أَنتَسِبْ لمحمّدِ

همُ عُصبةٌ مَن لم يَقُلْ بِهَواهُمُ … وإن كان ذا رأي يُلَمْ ويُفنَّدِ

أريدُ لِأُرضِيهِمْ ولستُ بِلائطٍ (١) … معَ القومِ ما لم أُهدَ في كلِّ مَقعَدِ

فما كنتُ في الجيش الذي نالَ عامرًا … ولا كَلَّ عن خَيرٍ لِساني ولا يَدي

قَبائلُ جاءتْ من بلادٍ بعيدةٍ … تَوابِعُ جاءت من سِهامٍ وسُرْدَدِ (٢)

وإنَّ الذي أخرجتُمُ وشَتمتُمُ … سيَسْعى لكُم سَعْيَ امرئٍ غيرِ قُعْدُدِ

قال (٣): فلما أَنشَدَ رسولَ الله : إلى الله مَن طَرّدتُ كلَّ مُطرَّدِ، ضربَ رسولُ الله في صَدْرِه، فقال: "أنت طَرَّدتني كلَّ مُطرَّدٍ".


(١) تحرَّف في (ص) و (ع) إلى: بلافظ. واللائط: المُلصَق.
(٢) تحرَّف في (ز) و (م) و (ب) إلى: سودد، بالواو، والمثبت على الصواب من (ص) و (ع)، وداله الأولى تُضم وتُفتح كما في "معجم البلدان"، وقال السُّهيلي في "الروض الأُنف" ٤/ ٩٨: سهام وسُرْدَد موضعان من أرض عَكّ. يعني في اليمن.
(٣) القائل هو ابن إسحاق كما تشير إليه رواية البيهقيّ في "دلائل النبوة" ٥/ ٢٨ عن أبي عبد الله الحاكم، وتوضحه الروايات الأخرى عن ابن إسحاق التي صدّرها ابن إسحاق بقوله: فزعموا أنه حين أنْشَدَ رسولَ الله … أو فذكروا أنه حين …

<<  <  ج: ص:  >  >>