قلنا: وفي إسناد أبي خالد الأحمر إشكالٌ آخر، وهو قوله: عن غُضيف بن الحارث، عن أبي ذَرٍّ قال: مرَّ فتًى على عمر … مع أنَّ جميع من روى هذه القصة عن محمد بن إسحاق قالوا في روايتهم: عن غُضيف بن الحارث، قال مررتُ بعمر بن الخطّاب، فذكب قصته مع أبي ذرٍّ وما قاله له أبو ذرٍّ في شأن عمر. ولكن هذا خطبُه هيِّن، فيُحمل ما وقع في رواية أبي خالد هنا على أنَّ قول غُضيف: عن أبي ذرٍّ، معناه عن قصة أبي ذرٍّ معي وما قاله لي وأخبرني به عن رسول الله ﷺ في شأن عمر، ويكون غضيف قد أبهم نفسه في هذه الرواية تواضعًا منه، فتتفق بذلك رواية أبي خالد عن ابن إسحاق مع رواية غيره عنه، والله أعلم. وقد صحَّ هذا الخبر من وجه آخر عن غضيف بن الحارث أنه مرَّ بعمر بن الخطاب، فذكر القصة. وأخرجه أحمد ٣٥/ (٢١٤٥٧) عن يزيد بن هارون، و (٢١٥٤٢) عن يعلى بن عُبيد، وأبو داود (٢٩٦٢) من طريق زهير بن معاوية، وابن ماجه (١٠٨) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به. غير أنَّ زهيرًا وعبد الأعلى اقتصرا في روايتهما على المرفوع، ولم يذكرا القصة. وأخرجه أحمد (٢١٢٩٥) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي العلاء بُرد بن أبي زياد، عن عبادة بن نُسيّ، عن غُضيف بن الحارث: أنه مرَّ بعمر … فذكره. وإسناده صحيح.