للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَبَأتَ؟ فقال: حمزةُ وما يَمنعُني وقد استبانَ لي ذلك منه، أنا أشهدُ أنه رسولُ الله وأنَّ الذي يقول حقٌّ، فوالله لا أنزِعُ فامنَعُوني إن كنتُم صادِقين، فقال أبو جهل: دَعُوا أبا عُمارة، لقد سبَبتُ ابنَ أخيه سبًّا قبيحًا، ومَرَّ حمزةُ على إسلامِه وتابع (١) رسولَ الله ، فلما أسلم حمزةُ علمت قريشٌ أنَّ رسولَ اللهِ قد عَزَّ وَامتَنَعَ، وأَنَّ حمزةَ سيَمنعُه، فكَفُّوا عن بعض ما كانوا يتناولونه ويَنالُون منه، فقال في ذلك شِعرًا (٢) حين ضَرَب أبا جهل، فذكر رَجَزًا غيرَ مُستقِرٍّ، أولُه:

ذُق [يا] أبا جَهلٍ بما غَشِيتْ (٣)

قال: ثم رجع حمزةُ إلى بيتِه فأتاهُ الشيطانُ، فقال: أنت سيدُ قريشٍ اتبعتَ هذا الصابئ وتركتَ دِينَ آبائك، لَلْموتُ خيرٌ لك مما صنعتَ، فأقبلَ على حمزةَ بَثُّه (٤)، فقال: ما صنعتُ؟! اللهم إن كان رَشَدًا فاجعل تصديقَه في قلبي، وإلَّا فاجعل لي ممّا وقعتُ فيه مخرجًا، فبات بليلةٍ [لم يَبِتْ] (٥) بمثلها من وسوسة الشيطان، حتى أصبح فغدا على رسول الله فقال: ابنَ أخي، إني وقعتُ في أمرٍ لا أعرفُ المَخرجَ منه، وإقامةُ مثلي على ما لا أدري ما هو أرَشَدٌ هو أم غَيٌّ، شديدٌ، فحدِّثْني حديثًا فقد اشتَهيتُ يا ابن أخي أن تحدِّثَني، فأقبلَ رسولُ الله فذكَّره ووعَظَه،


(١) زاد في (ز) و (ب) لفظة: يخفف، ولم نتبين معناها، ولم ترد في (ص) و (م)، ولم ترد في شيء من الروايات عن ابن إسحاق، فرأينا أنَّ الأولى حذفُها.
(٢) تحرَّف في النسخ إلى: سعد، ولا ذكر لسعد في هذا الخبر، إنما الذي قال ذلك حمزة نفسه، كما في "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٢/ ٢١٣ عن أبي عبد الله الحاكم.
(٣) في (ص) و (م) والمطبوع من "السيرة النبوية" برواية يونس بن بُكَير: عسيت، بإهمال العين والسين.
(٤) البَثُّ: أشدُّ الحزن، وسمي بذلك لأنَّ صاحبه لا يصبر حتى يُظِهره.
(٥) سقط من نسخنا الخطية، وأثبتناها من "السيرة النبوية" ومن رواية البيهقي في "دلائل النبوة" ١٢/ ٢١٣ - ٢١ عن أبي عبد الله الحاكم بإسناده هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>