وقد أخرجه عبد الرزاق (١٦٢٣٢)، وابن سعد ٣/ ٨٢، وابن المنذر في "الأوسط" (٦٩٥٠)، والبيهقي ١٠/ ٣٠٠ من طريق محمد بن سيرين مرسلًا أيضًا بإسناد صحيح إليه كما قال ابن حجر في "فتح الباري" ٢١/ ٣٦٩: أنَّ ميراث سالم دفع إلى الأنصارية التي أعتقته أو ابنها، وفي رواية البيهقي: أنه اختُصم في ميراثه فجُعل للأنصار. وروايتا ابن سيرين هاتان مختصرتان جدًّا، وفي إحداهما ما ليس في الأخرى. وقد جاء في روايةٍ لعامرٍ الشعبي في هذا الخبر زيادة لم تُذكر فيما تقدَّم ذكره من الطرق، كما أخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٢٧٧: أنَّ أبا بكر أعطى ابنة سالم النصف، وأعطى النصف الثاني في سبيل الله. وأورد ابن عبد البر هذه الرواية بأطول ممّا هنا، وفيها: أنه عرض في النصف الباقي على مولاته، فقالت: لا أرجع في شيء من أمر سالم، إني جعلته لله، فجعل أبو بكر النصف الباقي في سبيل الله. فلم يذكر أحدٌ أنه كان لسالمٍ ابنةٌ غير الشعبي في روايته هذه، مع أنه في روايته التي تقدم ذكرها عند عبد الرزاق لم يذكر ذلك، فالصحيح أنَّ ما وقع في هذه الرواية شذوذٌ، لأنَّ مثل هذا في وجود ابنةٍ لسالم لو صحَّ للزم الآخرين ذكرُه، إذ الأمر متعلق بالميراث وليس أَولى بالميراث من الأبناء إذا وُجِدوا. فلا يُقال عندئذٍ: زاد الشعبي ما خفي ذكره على غيره، والله تعالى أعلم. وبانَ بذلك أنَّ أو في الروايات في قضية سالم هذه روايتا عبد الله بن شداد وعبد الله بن وَديعة مجتمعتين، وجاء في رواية ابن شداد ما يدلُّ على أن قيمة ميراث سالم مئتا درهمٍ، فكأنَّ سلاحَه وفرسَه قُوِّما بذلك المبلغ، والله تعالى أعلم. (١) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزُّهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله. =