للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= والإسناد في الكتابين إلى ابن إسحاق واحدٌ، فما جاء في "تاريخ الطبري" أولى ممّا وقع في "ذيل المذيَّل"، ولعلَّ ذلك يكون من صنيع عُريب القرطبي لدى انتخابه لكتاب "ذيل المذيَّل" اختصر فأخلَّ، والله تعالى أعلم.
وكذلك جاءت القصتان مفصولتين في رواية محمد بن سَلَمة الحَرَّاني عن ابن إسحاق عند الطبراني في "الكبير" ٢٢/ (١٠٥٠)، وكذا في رواية زياد بن عبد الله البكائي كما في "السيرة النبوية" لابن هشام ١/ ٦٥٧، لكن ظاهر ما وقع في رواية ابن هشام عن البكائي أن قصة أبي العاص هذه من قول ابن إسحاق نفسه لم يذكر فيها عبد الله بن أبي بكر، وقد ثبت ذكره في رواية غير البكائي، فهو المعتمد.
لكن ليس في شيء من روايات ابن إسحاق فِقرة: وقيل: إنَّ رسول الله كان هو الذي وجَّه السرية للعير، إلى قوله: سنة ستّ من الهجرة، فلم ترد إلّا هنا وفي رواية الطبري في "ذيل المذيَّل".
وقد رواها الواقدي في "مغازيه" ٢/ ٥٥٣، وعنه ابن سعد في "الطبقات" ٥/ ٦ - ٧ عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه مرسلًا. وقد انفرد به الواقدي عن شيخه موسى بن محمد التيمي، وموسى هذا منكر الحديث لا يُكتب حديثه عند الأئمة.
وقد روى قصة خروج أبي العاص في تجارته إلى الشام أيضًا موسى بن عقبة في روايته عن الزهري عند البيهقي في "دلائل النبوة" ٤/ ١٧٤، وجاء في روايته أنَّ الذين تعرضوا للقافلة هم: أبو بَصير وأبو جَنْدل زمن هدنة الحديبية، خلافًا لرواية الواقدي التي فيها أن سرية زيد بن حارثة التي اعترضت القافلة.
فقولُ الواقدي وابن إسحاق يدلُّ على أن قصة أبي العاص كانت قبل الحُديبية، وإلا فبعد الهُدْنة لم تتعرَّض سرايا رسول الله ، قريش، وقول موسى بن عقبة أصوب، وأبو العاص إنما أسلم زمن الهُدنة، وقريش إنما انبسطت عيرها إلى الشام زمن الهدنة، وسياق الزهرى للقصة بين ظاهر أنها كانت في زمن الهدنة، كما قال ابن القيّم في "زاد المعاد" ٣/ ٢٨٢ - ٢٨٣.
ومما يؤكد ذلك ما جاء في الرواية التالية عند المصنف من قوله لابنته زينب لمّا استجار بها أبو العاص: "لا يخلص إليكِ فإنك لا تَحِلِّين له"، ومعلوم أن تحريم المؤمنات على أزواجهم الكفار لم يكن إلّا بعد هدنة الحديبية لدى نزول سورة الممتحنة.
وسيأتي عند المصنف بعده تمام قصة استجارة أبي العاص بزينب وقبول النبي لجوارها، وهي قصة صحيحة ثابتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>