وأعلّه الترمذي (٢٧٣٥) بأبي حذيفة النَّهدي - وهو موسى بن مسعود - وأنه ضعيف في الحديث قال: وروي هذا الحديث عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان - وهو الثوري - عن أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي - مرسلًا، ولم يذكر مصعب بن سعد، قال: وهو أصح. كذا قال الترمذي مع أنَّ أبا حذيفة النهدي ليس ضعيفًا بهذا الإطلاق الذي أطلقه، إنما هو حسن الحديث كان يُخطئ أحيانًا في حديث الثوري، ولم يخطئ هنا فقد تابعه على ذكر مصعبِ بن سعد بشرُ بن سَلْم البجلي عند أبي نُعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (٥٤٤٧)، فرواه عن سفيان الثوري مثل رواية أبي حذيفة. وتابعه كذلك إسرائيلُ بنُ يونس بن أبي إسحاق السبيعي عند أبي عروبة الحَرَّاني في "المنتقى من كتاب الطبقات" ص ٤٣ - ٤٤ حيث رواه عن جده أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد: أنَّ عكرمة بن أبي جهل لما قدم النبي ﷺ مكة … فذكره مرسلًا مظهرًا فيه الإرسال. وهذا أرجحُ من رواية بشر بن سَلْم وأبي حذيفة، فكأنَّ أبا إسحاق السبيعي نفسه هو الذي كان ربما ذكر مصعب بن سعد وربما لم يذكره، ومما يؤيد وجودَه في إسناد الخبر أنَّ إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي روى طرفًا من قصة فتح مكة وفرار عكرمة بن أبي جهل يومئذٍ ثم رجوعه وإسلامه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عند النسائي (٣٥١٦) وغيره، لكنه لم يذكر فيه ترحاب النبي ﷺ به أو قول عكرمة للنبي ﷺ في شأن إضعافه النفقة في سبيل الله، غير أنَّه وإن كان كذلك يدل على أن لذكر مصعب بن سعد أصلًا، واستفيد من رواية السُّدِّي هذه معرفة الذي سمع منه مصعبُ بنُ سعد قصة فتح مكة أنه أبوه سعد بن أبي وقاص، والله أعلم، فإن ثبت سماع مصعب بن سعد لهذه الرواية التي هنا من أبيه أيضًا اتصل الإسنادُ، والله أعلم بالصواب. وقد روى إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق السَّبيعي مثل هذه الرواية التي هنا عن أبيه يوسف عن جدِّه أبي إسحاق، غير أنه قال: عن عامر بن سعد البجلي أن عكرمة بن أبي جهل أتى النبي ﷺ .... فذكره مرسلًا، وذكر عامر بن سعد البجلي بدل مصعب بن سعد بن أبي وقاص. ولأبي إسحاق السبيعي رواية معروفةٌ عن عامر بن سعد البَجَلي، ثم إن أبا إسحاق واسع الرواية، فلا يبعد سماعه للخبر من كلا الرجلين، فيكون كلا الرجلين، فيكون بمجموع الطريقين مع ما له من شواهد صحيحًا، والله أعلم. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٨٤٩٨) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد. =