للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هاشِم، وكان أخا رسولِ الله من الرَّضاعة وابن عَمِّه، أرضعَتْه حَليمةُ أيامًا، فكان يألَفُ رسولَ الله ، فلما بُعِث رسولُ الله عاداه وهَجَاه وهَجَا أصحابَه، فمَكَثَ عشرين سنةً مُناصبًا لرسول الله ، لا يَتخلَّف عن موضعٍ تسير فيه قريش لقتالِ رسول الله ، فلما ذُكِر شُخُوص رسولِ الله إلى مكةَ عامَ الفتحِ ألقى الله ﷿ في قلبِه الإسلامَ، فتلقّى رسولَ الله قبل نُزولِه الأَبْواءَ، فأسلم هو وابنه جعفرٌ، وخرج مع رسول الله فشَهِد فتحَ مكة وحُنينًا.

قال أبو سفيان: فلما لَقِينا العدوَّ بحُنينٍ اقتحمْتُ عن فرسي وبيدي السيفُ صَلْتًا، واللهُ يعلمُ أني أريد الموتَ دونَه، وهو يَنظُر إليَّ، فقال العباسُ: يا رسولَ الله، هذا أخوك وابنُ عمّك أبو سفيان بن الحارث، فارْضَ عنه، قال: "قد فعلتُ يَغْفِرُ اللهُ له كلَّ عَداوةٍ عادَانِيها" ثم الْتفتَ إليَّ فقال: "أخي لَعَمْري"، فقبّلتُ رِجلَه في الرِّكاب (١).

قالوا: ومات أبو سفيان بن الحارث بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعةِ أشهرٍ إلَّا ثلاثةَ عشرَ ليلةً، ويقال: مات سنة عِشرين، وصلَّى عليه عمرُ بن الخطاب، وقُبر في رُكْن دار عَقِيل بن أبي طالب بالبَقيع، وهو الذي حفر قبرَ نفسِه قبل أن يموت بثلاثةِ أيامٍ (٢).

قد ذكرتُ إسلامَ أبي سُفيان في فتح مكة فيما تَقدَّم (٣).


(١) وهو في "المغازي" للواقدي ٢/ ٨٠٦ - ٨٠٩، وذكره كذلك ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٤/ ٤٥ - ٤٦ - من قوله هو لم يذكر شيخه محمد بن عمر الواقدي، وإنما تلقاه منه، لأنَّ هذا نصُّ كلامِه. ثم ذكر الواقدي في "مغازيه" ٢/ ٨١٠ وجهًا آخر غير هذا في إسلام أبي سفيان بن الحارث، بنحو ما تقدَّم عند المصنف برقم (٤٤٠٧) عن ابن عباس بإسناد حسن. فهو أصح من هذا الوجه الذي هنا، والله أعلم.
(٢) وهو في "طبقات ابن سعد" ٤/ ٤٩ أيضًا.
(٣) برقم (٤٤٠٧) من رواية ابن عباس، بإسناد حسنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>