ومن قبل هؤلاء جماعةٌ من الأئمة ضَعَّفوا الأحاديث الواردة في دخول عبد الرحمن بن عوف الجنة زحفًا، فقد قال أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن الجوزي في "الموضوعات" وذكر حديث عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس في دخول عبد الرحمن بن عوف الجنة حَبْوًا برقم (٨٠٣)، فقال أحمد بن حنبل: هذا الحديث كذب منكر، وعمارة يروي أحاديث مناكير. قال ابن حجر في "القول المسدّد" ص ٢٥: يكفينا شهادة الإمام أحمد بأنه كذب. وانظر حديث أنس هذا في "المسند" ٤١/ (٢٤٨٤٢). وقال ابن الجوزي: الحديث لا يصحُّ، وحُوشيَ عبد الرحمن المشهود له بالجنة أن يمنعه مالُه من السبق، لأنَّ جمع المال مباح، وإنما المذموم كسبُه من غير وجهه، ومنع الحق الواجب فيه، وعبد الرحمن مُنزَّهٌ عن الحالين، وقد خلّف طلحة ثلاث مئة حِمل من ذهب، وخلّف الزبيرُ وغيره، ولو علموا أنَّ ذلك مذموم لأخرجوا الكُلَّ. وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": قد ورد من غير وجه ومن حديث جماعة من الصحابة عن النبي ﷺ أن عبد الرحمن بن عوف ﵁ يدخل الجنة حبوًا لكثرة ماله، ولا يَسلَم أجودها من مقال، ولا يبلغ شيء منها بانفراده درجة الحسن، ولقد كان ماله بالصفة التي ذكر رسولُ الله ﷺ: "نعم المال الصالح للرجل الصالح" فأنى تنقص درجاته في الآخرة أو يقصر به دون غيره من أغنياء هذه الأمة، فإنه لم يرد هذا في حق غيره، وإنما صحَّ سبقُ فقراء هذه الأمة أغنياءهم على الإطلاق، والله أعلم. وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ١١/ ١٢٨: ما روي أنَّ ابن عوف يدخل الجنة حبوًا كلام موضوع لا أصل له. =