للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رسولُ الله مَوعِظةً ذَرَفَت منها العيون، ووَجِلَت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله، إنَّ هذا لموعظةُ مودِّع، فماذا تَعهَدُ إلينا، قال: "قد تَركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها، لا يَزيغُ عنها بعدي إلّا هالك، ومَن يَعِشْ منكم فسَيَرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهديِّين الراشدين من بعدي، وعليكم بالطاعة وإنْ عبدًا حبشيًّا، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذ" (١).

فكان أسدُ بن وَدَاعةَ يزيد في هذا الحديث: "فإنَّ المؤمن كالجَمَل الأَنِفِ، حيثما قِيدَ انقاد" (٢).

وقد تابع عبدَ الرحمن بنَ عمرو على روايته عن العِرْباض بن ساريةَ ثلاثةٌ من الثّقات الأثبات من أئمة أهل الشام، منهم حُجْر بن حُجر الكَلَاعي:

٣٣٦ - حدَّثَناه أبو زكريا يحيى بن محمد العَنبَري، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العَبْدي، حدثنا موسى بن أيوب النَّصِيبي وصفوان بن صالح الدِّمشقي قالا: حدثنا الوليد بن مسلم الدمشقي، حدثنا ثَوْر بن يزيد، حدثني خالد بن مَعْدان، حدثني عبد الرحمن بن عمرو السُّلَمي وحُجْر بن حُجْر الكَلَاعي قالا: أتينا العِرباضَ بن ساريةَ، وهو ممَّن نَزَلَ فيه: ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾ [التوبة: ٩٢]، فسلَّمْنا وقلنا: أتيناك زائرينَ ومُقتبسِين، فقال العرباضُ: صلَّى بنا رسول الله الصبحَ ذات يومٍ، ثم أقبَلَ علينا فوعَظَنا موعظةً بليغةً، ذَرَفَت منها


(١) حديث صحيح، وإسناده حسن كسابقه. أبو صالح: هو عبد الله بن صالح كاتب الليث. والحديث في "مسند أحمد" ٢٨/ (١٧١٤٢).
وأخرجه ابن ماجه (٤٣) من طريقين عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد.
(٢) لم نقف على رواية أسد بن وداعة هذه، لكن الزيادة المذكورة وقعت أيضًا في حديث عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد وابن ماجه.
والأَنِف: هو مجروح الأنف، وهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به. والمعنى: أنَّ المؤمن من شأنه الطاعة في كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>