للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صاحبه؟ فغَضِبَتا ثم قالتا: أمَ والله لو كانت رجالُنا حُضُورًا ما تكلَّمتَ بهذا، ثم وَلَّتا، فخرجتُ أقْفُو آثارَهُما، حتى لَقِيَتا رسول الله ، فقال: "ما أنتُما؟ ومن أين أنتُما؟ ومن أين جئتُما؟ وما جاء بِكُما؟ "، فأخبرَتاهُ الخَبَر، فقال: "أين تركتُما الصابئ؟ " فقالتا: تركناهُ بين السُّتور والبِناء، فقال لهما: "هل قال لكما شيئًا؟ " قالتا: نعم، وأقبلتُ حتى جئتُ رسول الله ، ثم سلَّمتُ عليه عند ذلك، فقال: "مَن أنتَ؟ وممَّن أنتَ؟ ومن أين أنتَ؟ ومن أين جئتَ؟ وما جاء بك؟ " فأنشأتُ أُعْلِمُه الخَبَر، فقال: "من أين كنتَ تأكُلُ وتشربُ؟ " فقلتُ: من ماء زمزم، فقال: "أما إنه طعامُ طُعْم"، ومعه أبو بكرٍ فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن أُعشِّيَه، قال: "نعم"، ثم خرجَ رسولُ الله يمشي، وأخذ أبو بكرٍ بيدي، حتى وَقَفَ رسول الله باب أبي بكر، ثم دخل أبو بكر بيتَه، ثم أتى بزبيبٍ من زَبيب الطائف، فجعل يُلقيه لنا، قبضًا قبضًا، ونحن نأكلُ منه حتى تملَّأنا منه.

فقال لي رسول الله : "يا أبا ذرِّ" فقلتُ: لبَّيك، فقال لي: "إنه قد رُفِعَت لي أرضٌ، وهى ذاتُ مالٍ ولا أحسَبُها إِلَّا تِهامة، فاخرُج إلى قومك فادْعُهم إلى ما دخلت فيه"، قال: فخرجتُ حتى أتيتُ أمّي وأخي، فأعلمتُهُم الخبر، فقالا: ما لنا رغبةٌ عن الدِّين الذي دخلت فيه، فأسلما، ثم خرجنا حتى أتينا المدينةَ، فأعلمتُ قومي، فقالوا: إنا قد صَدَّقناك، ولعلَّنا نلقى محمدًا، ، فلما قَدِم علينا رسولُ الله لَقيناهُ، فقالت له غِفارٌ: يا رسول الله، إنَّ أبا ذرٍّ أعلمَنا ما أعلمتَه، وقد أسلَمْنا وشَهِدْنا أنك رسولُ الله ، ثم تَقدَّمَت أَسلَمُ خُزاعة (١)، فقالت: يا رسول الله، إنا قد رَغِبْنا ودخَلْنا فيما دخل فيه إخوانُنا وحُلفاؤنا، فقال رسول الله : "أسلَمُ سَالَمَها اللهُ، وغِفارُ غَفَرَ اللهُ لها"، ثم أخذ أبو بكر بيدي، فقال: يا أبا ذرّ، فقلتُ: لبَّيك يا أبا بكرٍ، فقال: هل كنتَ تَألَّهُ في


(١) وقع في نسخنا الخطية: أسلم وخزاعة، بواو العطف، وإنما أراد الإضافة لا العطف، يعني أسلم الذين هم إخوة خُزاعة، دون غيرهم. وانظر "معرفة علوم الحديث" للحاكم ص ١٦٧ حيث ذكر أسلم خزاعة وأسلم بني جُمح، مُفرِّقًا بينهما في مؤتلف ومختلف الأنساب.

<<  <  ج: ص:  >  >>