للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمد بن المثنَّى، حَدَّثَنَا محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شُعبة، عن منصور، سمع مجاهدًا يحدِّث عن يزيد بن شَجَرة الرُّهاوي، وكان من أمراءِ الشام، وكان معاويةُ يستعملُه على الجيوش، فخَطَبَنا ذات يوم، فقال: أيها الناسُ، اذكُروا نِعمةَ الله عليكم، لو تَرُونَ ما أَرى من أسودَ وأحمرَ وأخضَرَ وأبيضَ، وفي الرِّحال ما فيها، إنها إذا أُقيمت الصلاةُ فُتِحَت أبوابُ السماء وأبوابُ الجنة وأبوابُ النار، وزُيِّنَ الحُورُ ويَطَّلِعنَ، فإذا أقبل أحدُهم بوجهه إلى القتال قلنَ: اللهمَّ ثبِّتْه، اللهمَّ انصُرْه، وإذا وَلَّى احتجَبْن منه، وقلنَ: اللهمَّ اغْفِرْ له، اللهمَّ ارحَمْه، فانهَكُوا وجوهَ القوم (١) فِداكم أبي وأمي، فإن أحدكم إذا أقبل كانت أولُ نفحةٍ من دمه تَحُطُّ عنه خطاياه كما يُحَطُّ ورقُ الشجر، وتَنزِلُ إليه ثنتان من الحُور العِينِ فتمسحانِ الغبارَ عن وجهه، فيقول لهما: أَنَى (٢) لكما؟ وتقولان: لا، بل أَنَى لك، ويُكسَى مئةَ حُلَّة، لو جُعلَت بين إصبعيَّ هاتين - يعني السَّبابة والوسطى - لوَسِعَتاه، ليس من نَسْج بني آدم، ولكنْ من ثياب الجنة.

إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسِيماكم وحُلَاكم ونَجْواكم ومجالسِكم، فإذا كان يومُ القيامة قيل: يا فلانُ هذا نورُك، ويا فلانُ لا نورَ لك، وإنَّ لجهنَّم ساحلًا كساحل البحر، فيه هَوَامُّ وحيّاتٌ كالنَّخل وعقاربُ كالبغال، فإذا استغاث أهلُ جهنّم أن يُخفَّف عنهم قيل: اخرجوا إلى الساحل، فيخرجون فتأخذ الهوامُّ بشِفاهِهم ووجوهِهم، وما شاء الله فيَكشِفُهم فيَستغيثون فِرارًا منها إلى النار، ويُسلَّطُ عليهم الجَرَبُ، فيَحُكُّ أَحدُهم جلدَه حتَّى يَبدُوَ العظمُ، فيقول أحدهم: يا فلان، هل يؤذيكَ هذا؟ فيقول: نعم، فيقول: ذلك بما كنتَ تُؤْذي المؤمنين (٣).


(١) أي: ابلغوا جهدكم في قتالهم. قاله ابن الأثير في "النهاية" (نهك).
(٢) كتبت في نسخنا الخطية في الموضعين: انا، بالألف الممدودة، فأوهم أن المراد بها ضمير المتكلم، والصواب أنها بألف مقصورة، بمعنى: حانَ، أي: حان الوقت لقدومكما عليّ، فتقولان: بل حان لك أن تقدم علينا، والله تعالى أعلم.
(٣) إسناده صحيح إلى يزيد بن شجرة، وهو من قوله. منصور: هو ابن المعتمر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>