للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن يَكِفنيهِ؟ فقال رجل من أهل الشام: أنا، فلما جَنَّ عليه الليلُ وَضَعَ شمعةً في طرف رمحه ثم ضرب فرسَه، ثم طَعَنَ الفسطاطَ فالتهَبَ نارًا، والكعبةُ يومئذٍ مُؤَزَّرة في الطَّنافس، وعلى أعلاها الحِبَرَةُ، فطارت الريحُ باللَّهَب على الكعبة حتى احترقت، واحترق فيها يومئذٍ قَرْنا الكبش الذي فُدِيَ به إسحاق.

قال: فبلَغَ حُصينَ بن نُمير موتُ يزيد بن معاوية، فهرب حصينُ بنُ نُمير، فلما مات يزيدُ بن معاوية دعا مروانُ بن الحَكَم إلى نفسه، فأجابه أهلُ حِمْص وأهلُ الأردنِّ وفلسطينَ، فوَجَّه إليه ابنُ الزُّبير الضحاكَ بنَ قيس الفِهْريَّ في مئة ألف، فالتقَوْا بمَرْجِ راهطٍ، ومروانُ يومئذٍ في خمسة آلاف من بني أُميَّة ومَواليهِم وأتباعهم من أهل الشام، فقال مروانُ لمولًى له [يقال له] (١): كره: احمِلْ على أيِّ الطَّرفين شئتَ، فقال: كيف نَحملُ على هؤلاء؟! لكَثرتِهم، فقال: هم بين مُكرهٍ ومُستأجَر، احمِلْ عليهم لا أمَّ لك، فيكفيك الطِّعانُ الناجعُ الجيِّد، وهم يَكفُونك بأنفسهم، إنما هؤلاء عَبيدُ الدينار والدِّرهم، فحَمَلَ عليهم فهَزَمَهم، وقُتِل الضحاكُ بن قيس وانصَدَعَ الجيشُ، ففي ذلك يقول زُفَرُ بنُ الحارث:

لَعَمْري لقد أبقَتْ وَقِيعةُ راهطٍ … لمروانَ صَرْعى واقعاتٍ وسابَيَا

أَمضي سلاحي لا أبالكِ إنني … لدى الحربِ لا يزداد إلَّا تمادِيَا

فقد يَنبُت المَرْعى على دِمَنِ الثَّرى … وتبقى حُزازاتُ النفوسِ كما

وفيه يقول أيضًا:

أفي الحقِّ أمَّا بَحدلٌ وابنُ بَحدلٍ … فيَحْيا وأمَّا ابنُ الزُّبير فيُقتَلُ

كَذَبتم وبيتِ الله لا تَقتلونَهُ … ولمَّا يَكُنْ يومٌ أَغَرُّ مُحجَّلُ

ولمَّا يكنْ للمَشْرَفِيَّةِ فيكمُ … شُعاعٌ كنُورِ الشمسِ حين تَرجَّلُ


(١) زيادة من مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>