منه، فحفظ لنا أكثر ما نحتاجه من ذلك، ووجدنا فيه طَلِبَتَنا في كثير من الأحيان.
كما كان للإمام الخطيب البغدادي في كتابه "تاريخ بغداد" عنايةٌ بنقل عدد من تراجم البغداديين من كتاب الحاكم "تاريخ نيسابور"، ممَّن رحل إلى نيسابور أو ورد إليها، فذكرهم الحاكمُ لأجل ذلك.
ولكن عددًا من رجال الحاكم في "المستدرك" لم نعثُر لهم على تراجم في شيء من كتب التراجم والتاريخ والأنساب، فتطلَّب ذلك منا إمضاء الساعات الطِّوال في دراسة أحوالهم؛ وذلك من خلال سَبْر مرويّات الراوي، ثم مطابقتها لروايات غيره من الثقات لمعرفة مدى ضبطه، وتَقصَّينا - بقدر الطاقة - عن الرجال الذين رَوَوا عنه وسَبَرنا أحوالهم، فتكوَّن لدينا عن كل راوٍ من هؤلاء نبذةٌ عن رواياته والرواة عنه، استطعنا من خلالها الوصول إلى حكم يناسبه إن شاء الله.
وظهر لنا أيضًا أن عددًا من طرق المصنِّف ورواياته فيها عللٌ ومخالفاتٌ، فتطلَّب الأمرُ دراستَها دراسةً دقيقةً، مما دعانا إلى التوسع في بيان الطرق والروايات لتبيين ذلك، بغية الوصول إلى الحكم الأصوب على تلك الروايات والطرق.
فنرجو من المولى ﷾ أن نكون قد وُفِّقنا في القيام بذلك، وأن نكون قد أنجزناه على أقرب وجهٍ، وأقوَم سبيلٍ، ونرجوه سبحانه أن يتقبل ذلك العملَ منا وأن يجعله في صحائف أعمالنا، فهو الكريم الذي لا يَخِيب سائلُه، ولا يُردُّ قاصدُه.
واللهَ تعالى نسألُ التوفيقَ والسدادَ دائمًا في القول والعمل، فإن كنا قد أَحسنّا الصنيعَ فمن الله وحدَه، وإن كنا قد أخلَلْنا ببعض ذلك فمن تقصيرنا وسهونا، وله الحمدُ سبحانه في الأولى والآخرة، وهو حسبُنا ونعم الوكيل.
ونقدِّم بين يدي هذا التحقيق فصولًا ومباحث مهمّة، تعرِّف بحال المصنّف أبي عبد الله الحاكم وكتابه "المستدرك"، فنقول - وبالله الاستعانة ومنه السداد والتوفيق -: