للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا عيبَ فيه، فخلَّى عن يده، فانطلق ذاهبًا، فكان لا يلوي على أحدٍ ولا يقومُ عليه، فقال لي المقعدُ: يا غلام، احمِلْ عليَّ ثيابي حتى أنطلقَ فأُبَشِّرَ أهلي، فحملتُ عليه ثيابهَ وانطلق لا يَلوي عليَّ، فخرجتُ في إثره أطلبُه، فكلما سألتُ عنه قالوا: أمامَك، حتى لقينَي ركبٌ من كَلْب، فسألتُهم، فلما سمعوا لغتي (١) أناخَ رجلٌ منهم على بعيره، فحملني خلفه، حتى أتَوا بلادَهم فباعوني، فاشترتني امرأةٌ من الأنصار، فجعلتني في حائطٍ لها.

وقَدِمَ رسولُ الله ، فأخبرتُ به، فأخذتُ شيئًا من تمر حائطي فجعلتُه على شيء، ثم أتيتُه فوجدتُ عنده ناسًا، وإذا أبو بكر أقربُ الناس إليه، فوضعتُه بين يديه، فقال: "ما هذا؟ " قلت (٢): صدقة، قال للقوم: "كُلُوا"، ولم يأكُلْ، ثم لبثتُ ما شاء الله، ثم أخذتُ مثلَ ذلك فجعلتُه على شيء، ثم أتيتُه فوجدتُ عنده ناسًا، وإذا أبو بكر أقربُ القوم منه، فوضعته بين يديه فقال لي: "ما هذا؟ " فقلت: هدية، قال: "باسم الله"، وأكل وأكل القومُ، قال: قلتُ في نفسي: هذه من آياته، كان صاحبي رجلًا أعجميًا لم يُحسِنْ أن يقول: تهامة، فقال: تهمة، وقال: أحمد، فدُرْتُ خلفَه ففَطِنَ بي، فأرخَى ثوبَه، فإذا الخاتَمُ في ناحية كَتِفِه الأيسر فتبيّنتُه، ثم دُرْتُ حتى جلستُ بينَ يديه، فقلتُ: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأنَّك رسولُ الله، قال: "مَن أنت؟ " قلتُ: مملوك. قال: فحدَّثتُه حديثي وحديثَ الرجل الذي كنتُ معه وما أمرني به، قال: "لمن أنت؟ " قلتُ: لامرأةٍ من الأنصار جعلتني في حائطٍ لها، قال: "يا أبا بكر" قال: لبَّيك، قال: "اشتَرِه"، فاشتراني أبو بكر فأعتقَني، فلَبِثْتُ ما شاءَ الله أن ألبَثَ [ثم أتيتُه] فسلَّمت عليه وقعدتُ بين يديه، فقلتُ: يا رسولَ الله، ما تقولُ في دين النصارى؟ قال: "لا خيرَ فيهم ولا في دينهم"، فدخلَني أمرٌ عظيم، فقلتُ في نفسي: هذا الذي كنتُ معه ورأيتُ ما رأيتُه، ثم


(١) سقط هذا اللفظ من (م) و (ص)، وفي (ب): الفتى، والمثبت هو الوجه، وهو من نسخة خطية متأخرة كما في طبعة الميمان.
(٢) في النسخ الخطية: قالوا، والمثبت من "الدلائل".

<<  <  ج: ص:  >  >>