للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأرسلَتْ إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكَّلتْه، وأعطَتْ أبرهةَ سِوارًا من فضَّة، وخَدَمَتينِ كانتا في رِجليها (١)، وخواتيمَ فِضَّة كانت في أصابعٍ رِجليها، سرورًا بما بشَّرتها به.

فلما كان العَشِيُّ أمر النجاشيُّ جعفرَ بن أبي طالب ومَن هناك من المسلمين فحضروا، فخَطَبَ النجاشيُّ، فقال: الحمدُ لله الملِك القدُّوس السلامِ المؤمن المُهيمِن العزيز الجبَّار، الحمدُ لله حقَّ حَمْدِه، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، وأنه الذي بشَّر به عيسى ابن مريم ، أما بعد: فإنَّ رسول الله كتبَ إليَّ أن أُزوِّجَه أمَّ حبيبة بنت سفيان، فأجبتُ إلى ما دعا إليه رسولُ الله ، وقد أصدقتُها أربعَ مئة دينار. ثم سَكَبَ الدنانيرَ بين يدي القوم، فتكلَّم خالد بن سعيد، فقال: الحمدُ الله أحمَدُه وأستعينُه وأستنصرُه، وأشهدُ أن لا إله إلَّا الله (٢)، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسلَه بالهدى ودينِ الحقِّ ليُظهرَه على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون، أما بعد: فقد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسولُ الله وزوَّجتُه أمُّ حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسوله. ودفعَ الدنانيرَ إلى خالد بن سعيد فقبَضَها، ثم أرادوا أن يقوموا، فقال: اجلِسوا، فإنَّ سُنَّة الأنبياء إذا تزوَّجوا أن يُؤكلَ الطعامُ على التزويج، فدعا بطعامٍ فأكلوا، ثم تفرَّقوا.

قالت أمُّ حبيبة: فلما وصلَ إليَّ المال، أرسلتُ إلى أبرهةَ التي بشَّرتني، فقلتُ لها: إنِّي كنتُ أعطيتُكِ ما أعطيتُك يومئذٍ ولا مالَ بيدي، وهذه خمسون مِثقالًا، فخُذِيها فاستعيني بها، فأخرجَتْ إليَّ حُقَّةٌ فيها جميعُ ما أعطيتُها، فردَّته إليَّ، وقالت: عَزَمَ عليَّ الملكُ أن لا أرزَأَكِ شيئًا، وأنا التي أقومُ على ثيابه ودُهْنه (٣)، وقد اتبعتُ دِينَ رسولِ الله وأسلمتُ الله، وقد أمرَ الملك نساءَه أن يبعثن إليك بكلِّ ما عندَهنَّ من


(١) في النسخ عدا (ز): رجلها.
(٢) زاد في (م) وحدها: وحده.
(٣) في الأصول الخطية: وذهبه، والمثبت من مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>