وقال البزار في "مسنده" (٥١٧٢): والذي يحفظ عن ابن عبّاس من غير هذا الوجه: أنَّ التي لم يكن يقسم لها سودة بنت زمعة، لأنها وهبت يومها لعائشة. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٥/ ٢٢٤: قال عِياض: قال الطحاويُّ: هذا وهمٌ، وصوابه سَوْدة، كما تقدَّم أنَّها وَهَبَت يومها لعائشة، وإنما غَلِطَ فيه ابن جُرَيج راويه عن عطاء. كذا قال. قال عياض: قد ذكروا في قوله تعالى: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥١] أَنَّه آوى عائشة ﵂ وحفصة وزينب وأُمّ سَلَمة، فكان يستوفي لهنَّ القَسْمَ، وأرجأ سودةَ وجُويرية وأُمّ حبيبة وميمونة، وصفيّة، فكان يقيم لهنَّ ما شاء! قال: فيحتمل أن تكون رواية ابن جُريج صحيحة ويكون ذلك في آخر أمره حيثُ آوى الجميع، فكان يقسم لجميعهن إلا لصفية. قال ابن حجر: يترجّح أن مُرادَ ابن عبّاس بالتي لا يَقسِمُ لها سَوْدة كما قاله الطحاوي، لحديث عائشة ﵂: أن سودة وَهَبَت يومها لعائشة، وكان النَّبيّ ﷺ يَقسم لعائشة يومها ويوم سودة، وسيأتي في باب مُفرَد، ويأتي بسط القصة هناك إن شاء الله تعالى. لكن يحتمل أن يقال: لا يَلزَمُ من أنه كان لا يبيت عند سودة أن لا يقسم لها، بل كان يقسم لها لكن يبيت عند عائشة ﵂ لما وَقَعَ من تلك الهِبَة. نعم يجوز نفي القسم عنها مجازًا، والراجح عندي ما ثبت في "الصحيح"، ولعل البخاري حذف هذه الزيادة عمدًا. قوله: "فإذا رفعتُم نعشها" قال الحافظ ابن حجر: بعين مُهملة وشين مُعجَمة: السرير الذي يُوضع عليه الميت. وقوله: "فلا تُزعزعوها" بزاءين معجمتين وعينينِ مُهملتين، والزّعزعة: تحريك الشيء الذي يُرفع. وقوله: "ولا تُزلزلوها" الزلزلة: الاضطراب. ويُستفاد منه أن حُرْمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته، وفيه حديث: كسرُ عَظم المؤمن ميِّتًا ككسره حيًّا" أخرجه أبو داود (٣٢٠٧) وابن ماجه (١٦١٦) وصححه ابن حبان (٣١٦٧).