للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

، فقال: إنَّ رفاعةَ بن زيد وابنَ أخيه قَتَادة بن النُّعمان قد عَمَدا إلى أهل بيتٍ منَّا أهلِ حَسَبٍ وشرفٍ وصلاح، يَأبِنُونهم بالقَبيح، ويَأبِنُونهم بالسَّرقة بغير بيِّنة ولا شهادة، فوَضَعَ عندَ رسولِ الله بلسانِه ما شاء، ثم انصرف، وجئتُ رسول الله وكلَّمتُه، فنَجَهَني نَجْهًا (١) شديدًا وقال: "بئسَ ما صنعتَ، وبئسَ ما شئتَ فيه، عَمَدتَ إلى أهل بيتٍ منكم أهل حَسَبٍ وصلاح تَرمِيهم بالسَّرقة، وتَأبِنُهم فيها بغير بيِّنة ولا تثبُّتٍ". فسمعتُ مِن رسول الله ما أكرَهُ، فانصرفتُ عنه ولوَدِدتُ أَنِّي خرجتُ من مالي ولم أكلِّمْه.

فلمَّا أن رجعتُ إلى الدار أرسلَ إليَّ عمِّي: يا ابنَ أخي، ما صنعتَ؟ فقلتُ: والله لوَدِدتُ أنّي خرجتُ من مالي ولم أُكلِّمْ رسول الله فيه، وايمُ الله لا أعودُ إليه أبدًا، فقال: الله المستعانُ، فنزل القرآنُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥] أبو طُعْمة بن أُبَيرِق ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ فقرأ حتى بلَغَ ﴿يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا﴾ [النساء:١١٢] لَبِيدَ بن سهل ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ﴾ يعنى أُسير بن عُرْوة وأصحابَه، ثم قال - يعني بذلك أسير بن عُرْوة وأصحابه: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ١١٢ - ١١٦] أي: كان ذَنبُه دونَ الشِّرك، فلما نزلَ القرآنُ هَرَبَ فَلَحِقَ بمكة، وبعثَ رسولُ الله إليَّ الدِّرعَينِ وأداتَهما، فردَّهما على رفاعةَ. قال قَتَادة: فلما جئتُه بهما وما معهما قال: يا ابن أخي، هما في سبيل الله ﷿، فرَجَوتُ أنَّ عمِّي حَسُنَ إسلامه، وكان ظنِّي به غيرَ ذلك.

وخرج ابن أُبيرِق حتى نزل على سُلافةَ (٢) بنتِ سعد بن شُهَيد أُختِ بني عمرو


(١) النَّجْه: استقبالك الرجل بما يكره، وردك إياه عن حاجته، وقيل: هو أقبح الرد، قاله في "لسان العرب".
(٢) تحرَّف في النسخ إلى: سلامة بنت سعد بن سهيل، والصواب ما أثبتناه، وهذه المرأة هي =

<<  <  ج: ص:  >  >>