للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكانوا أهلَ فَقرٍ وحاجةٍ في الجاهلية والإسلام، وكان عمِّي رفاعةُ بن زيد رجلًا مُوسِرًا أدرَكَه الإسلامُ، فوالله إن كنتُ لأرى أنَّ في إسلامه شيئًا، فكان الرجلُ إذا كان له يَسارُ فَقَدِمَت عليه هذه الطائفةُ (١) من الشام (٢) تحملُ الدَّرْمَكَ، ابتاع لنفسِه ما يَخُصُّ به (٣)، فأما العِيالُ فكان يَقِيتُهم الشعيرُ.

فقَدِمَت طائفة - وهم الأنباط - تحمل دَرْمَكًا، فابتاع رفاعةُ حِملَينِ من شعير، فجعلهما في عِلِّيّة له، وكان في عِلَّيْته دِرْعانِ له وما يُصلِحُهما من آلتِهما، فيطرقُه بُشَيرٌ من الليل فيَخرقُ العِّلَّيّة من ظَهرها، فأخذَ الطعامَ، ثم أخذَ السِّلاح، فلمَّا أصبحَ عمِّي بعث إليَّ فأتيتُه، فقال: أغِيرَ علينا هذه الليلةَ فذُهِبَ بطعامِنا وسلاحنا، فقال بُشيرٌ وإخوتُه: والله ما صاحبُ متاعِكم إلَّا لبيدُ بن سهل؛ لرجل منَّا كان ذا حَسَب وصلاح، فلما بَلَغَه قال: أُصلِتُ والله بالسيفِ، ثم قال: أيْ بني الأبَيرِق: أنا أَسرِقُ؟! فوالله ليخالطَنَّكم هذا السيفُ، أو لَتُبيِّنُنَّ مَن صاحبُ هذه السرقة، فقالوا: انصرف عنَّا، فوالله إنك لبرئٌ من هذه السرقة، فقال: كلا وقد زعمتُم.

ثم سَأَلْنا في الدار وتَحسَّسْنا حتى قيل لنا: والله لقد استَوقَدَت بنو أُبيرق الليلة، وما نُراه إلا على طعامِكم، فما زلنا حتى كِدْنا نستيقنُ أنهم أصحابُه، فجئتُ رسولَ الله فكلَّمتُه فيهم، فقلتُ: يا رسول الله، إنَّ أهل بيتٍ منَّا أَهلَ جَفَاءٍ وسَفَهٍ عَدَوْا على عمِّي، فخَرَقُوا عِلَّيّةً له من ظهرها فعَدَوا على طعامٍ وسلاحٍ، فأما الطعامُ فلا حاجة لنا فيه، وأما السلاحُ فليرُدُّوه علينا، فقال رسول الله : "سأنظُرُ في ذلك".

وكان لهم ابن عمٍّ يقال له: أُسَيْر بن عُروة، فجَمَع رجال قومِه، ثم أتى رسول الله


= النسخ: نُحلت. قلنا: وهو قريب من معنى ما ورد عند الحاكم، والمراد: نسبوها إلي.
(١) كذا في النسخ الخطية، وفي مصادر التخريج: الضافطة، ومعناها كما قال ابن الأثير في "النهاية" في مادة (ضفط): الضافط والضَّفاط: الذي يجلب الميرة والمتاع إلى المدن.
(٢) تحرَّف في النسخ الخطية إلى: السدم.
(٣) تحرَّف في النسخ الخطية إلى: ما يحل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>