للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعد أن نقل الزركشي قول الخطيب البغدادي عقَّبه بقوله: وقد كان عند الحاكم ميل إلى علي، ونعيذه بالله من أن يبغض أبا بكر أو عمر أو عثمان (١).

قلنا: ما اعتمد عليه الخطيب من قول الأُرمَوي في نسبة الحاكم للتشيع لمجرد إخراجه حديث الطير وحديث "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه"، وزعمه بأنه لما أخرجهما في "مستدركه" لم يلتفت أصحابُ الحديث إلى قوله، فلا حجة فيه لمجرد ذلك، وسيأتي في موضعهما من الكتاب بيان عدم تفرد الحاكم بهما، وأن لهما طرقًا أخرى غير طريق الحاكم، وأنه صححهما -سوى الحاكم- غيرُ واحد من أهل المعرفة بالحديث، فبطل زعم الأرموي، ثم لم يذكر لنا الأرموي من هم أصحاب الحديث الذين أنكروا على الحاكم ذلك ولم يلتفتوا إلى قوله!

٣ - وذكر محمد بن طاهر المقدسي: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي عن الحاكم أبي عبد الله، فقال: ثقة في الحديث، رافضيٌّ خبيثٌ (٢).

وقد ردّ عليه الذهبي بقوله: كذا قال شيخ الإسلام الأنصاري، ولم يُصِب، فإن الحاكم ليس برافضي، بل هو شيعي مُعظِّم للشيخين بيقينٍ، ولذِي النُّورَين، وإنما تكلّم في معاويةَ فأُوذِي (٣).

وقد نقل في بعض كتبه بسند جيد عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: دخلتُ على أبي عبد الله الحاكم وهو في داره لا يُمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كَرّامٍ، وذلك أنهم كسروا مِنبرَه ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليتَ في فضائل هذا الرجل -يعني معاوية بن أبي سفيان- حديثًا لاسترحت من هذه المحنة! فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي (٤).


(١) "النكت على مقدمة ابن الصلاح" ١/ ١٩٧.
(٢) رواه عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" ٩/ ٩٨.
(٣) "معجم الشيوخ" ١/ ٢٨١.
(٤) رواه عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ١٧٥، و "تاريخ الإسلام" ٩/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>