للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شقي في بطن أمه، والسعيد مَن وُعِظ بغيره، وإن شرَّ الرَّوَايا رَوَايا الكذب (١)، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل ما هو آت قريب"، رواهن أبو داود في "القدر" (٢).

وذكر الطبراني من رواية أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عنه أنه كان يجيء كل يوم خميس، يقوم قائمًا لا يجلس، فيقول: "إنما هما اثنتان: فأحسن الهدي هدي محمد، وأصدق الحديث كتاب الله، وشرُّ الأمور محدثاتها، وكلُّ محدَث ضلالة، إن الشقيَّ مَن شقي في بطن أمه، وإن السعيد مَن وُعِظ بغيره، ألا فلا يطولنّ عليكم الأمد، ولا يلهينّكم الأمل، فإن كلَّ ما هو آت قريب، وإنما البعيد ما ليس آتيًا، وإن من شرار الناس بَطّال النهار جِيفة الليل، وإنّ قَتْل المؤمن كفر، وإن سِبَابه فسوق، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ألا إن شرّ الرَّوَايا رَوَايا الكذب، وإنه لا يصلح من الكذب جدٌّ ولا هزل، ولا أن يَعِد الرجلُ صبيه ثم لا ينجزه، ألا وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الصادق يقال له: صدق وبرّ، وإن الكاذب يقال له: كذب وفجر، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن العبد ليصدق فيكتب عند الله صديقًا، وإنه ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا". ألا هل تدرون ما


(١) الرَّوَايا جمع رَوِيّة: ما يفكّر فيه الإنسان من القول والفعل، وقيل غيره، انظر: "النهاية في الغريب" (٢/ ٢٧٩).
(٢) أخرج شطره الأول ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (١٤٢٣)، واللالكائي في "شرح الأصول" (١٢١٥) من طريق أبي داود به، وأخرج الدارمي (٢١٣) قريبًا من شطره الثاني.
والشطران في "صحيح البخاري" (٦٠٩٨، ٧٢٧٧) بسياق أخصر منه.