للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وههنا مذاهب أخرى باطلة:

منها قول من قال: إنهم يعذَّبون في النار مدة لُبْثهم في الدنيا.

وقول من قال: إنها تنقلب عليهم طبيعة نارية يلتذّون بها، كما يلتذّ صاحب الجَرَب بالحكّ.

وقول من يقول: إنها تفنى هي والجنة جميعًا، وتعودان عدمًا محضًا.

وقول من يقول: تفنى حركاتهما، ويبقى أهلهما (١) في سكون دائم.

ولم يوفَّق للصواب في هذا الباب غير الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ ومَن سلك سبيلهم، وبالله التوفيق.

فصل

فإن قيل: فما الحكمة في كون الكفار أكثر من المؤمنين، وأهل النار أضعاف أضعاف أهل الجنة، كما قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: ١٠٣]، وقال: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣]، وقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤]، وقال: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: ١١٦]، وبعْثُ النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، وواحد إلى الجنة؟


(١) «د»: «تفنى حركاتها، ويبقى أهلها» على الإفراد، والمثبت من «م» موافق لما ذكره المؤلف في «حادي الأرواح» (٢/ ٧٣٣) من أن أبا الهذيل العلاف كان يرى ذلك في الجنة والنار طردًا لامتناع حوادث لا نهاية لها.