للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

قال أبو عمر (٢): وقال آخرون معنى قوله: «يولد على الفطرة» يعني: البداءة التي ابتدأهم عليها، يريد أنه مولود على ما فَطَر اللهُ عليه خلقه من أنه ابتدأهم للحياة والموت، والسعادة والشقاء، إلى ما يصيرون إليه عند البلوغ من قبولهم عن آبائهم (٣) واعتقادهم.

قالوا: والفطرة في كلام العرب: البداءة، والفاطر المبتدئ، وكأنه قال: يولد على ما ابتدأه الله عليه من الشقاء والسعادة وغير ذلك، مما يصير إليه، وقد فُطِر عليه.

واحتجوا بقوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمِ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٩ - ٣٠].

وروى بإسناده إلى ابن عباس قال: لم أدرِ ما فاطر السماوات والأرض، حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. أي: ابتدأتها (٤).

وذكر دعاء علي: «اللهم جبّار القلوب على فطراتها، شقيّها وسعيدها» (٥).


(١) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٣٨٦ - ٣٨٧).
(٢) «التمهيد» (١٨/ ٧٨).
(٣) «د»: «إيمانهم» مهملة، والمثبت من «التمهيد» و «درء التعارض».
(٤) أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (٣٤٥)، وابن جرير (٩/ ١٧٥).
(٥) تقدم عزوه في (١/ ٤٢١).