للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعجز عنها الإنسان، كهداية النحل إلى سلوك السُّبُل التي فيها مراعيها على تباينها (١)، ثم عودها إلى بيوتها من الشجر والجبال وما يعرش بنو آدم.

وأمر النحل في هدايتها من أعجب العجب، وذلك أن لها أميرًا ومدبّرًا وهو اليَعْسوب، وهو أكبر جسمًا من جميع النحل، وأحسن لونًا وشكلًا.

وإناث النحل تلد في إقبال الربيع، وأكثر أولادها يكنّ إناثًا، وإذا وقع فيها ذكرٌ لم تدعه بينها (٢)، بل إما أن تطرده، وإما أن تقتله، إلا طائفة يسيرة منها تكون حول الملك، وذلك أن الذكر منها لا يعمل شيئًا ولا يكسب.

ثم تجتمع الأمهات وفراخها عند الملك، فيخرج بها إلى المرعى من المروج والرياض والبساتين والمرابع في أقصد الطرق وأقربها، فتجتني منها كفايتها، فيرجع بها الملك، فإذا انتهوا إلى الخلايا وقف على بابها، ولم يدع ذكرًا ولا نحلة غريبة تدخلها.

فإذا تكامل دخولها دخل بعدها، وقد أخذت النحل مقاعدها وأماكنها، فيبتدئ الملك بالعمل كأنه يعلّمها إيّاه، فيأخذ النحل في العمل ويتسارع إليه، ويترك الملكُ العملَ ويجلس ناحية بحيث يشاهد النحل، فيأخذ النحل في إيجاد الشمع من لزوجات الأوراق والأنوار.

ثم تقتسم النحل فرقًا، فمنها فرقة تلزم الملك ولا تفارقه ولا تعمل ولا تكسب، وهم حاشية الملك من الذكورة.


(١) "ج": "بابها"، وفي "د" دون إعجام، وطمست في "م"، والمثبت أشبه.
(٢) "م": "لم تدعه يدخل بيتها".