للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن عجيب أمر الفأر أنها إذا شربت من الزيت الذي في أعلى الجرّة فنقص، وعَزَّ عليها الوصول إليه؛ ذهبت وحملت في أفواهها ماء، وصبته في الجرّة حتى يرتفع الزيت فتشربه.

والأطباء تزعم أن الحُقْنة أُخِذت من طائر طويل المنقار، إذا تعسّر عليه الذَّرَق جاء إلى البحر المالح وأخذ بمنقاره منه، واحتقن به، فيخرج الذَّرَق بسرعة (١).

وهذا الثعلب إذا اشتدَّ به الجوع انتفخ ورمى بنفسه في الصحراء كأنه جيفة، فتدنو منه الطير، فلا يُظهر حركة ولا نفَسًا، فلا تشك أنه ميت، حتى إذا نقرته بمنقارها وثب عليها، فضمّها ضمة الموت (٢).

وهذا ابن عِرْس والقنفذ إذا أكلا الأفاعي والحيّات عمدا إلى الصَّعْتَر البرّي، فأكلاه كالترياق لذلك (٣).

ومن عجيب أمر الثعلب أنه إذا أصاب القنفذ قَلَبَه لظهره لأجل شوكه، فيجتمع القنفذ حتى يصير كُبّة شوك، فيبول الثعلب على بطنه، ما بين مَغْرِز عَجْبه إلى فكّيه، فإذا أصابه بوله اعتراه الأُسْر (٤) فانبسط، فيسلخه الثعلب من


(١) انظر: "الحيوان" (٧/ ٣٢)، والذرق خرء الطائر، "الصحاح" (ذرق) (٤/ ١٤٧٨).
(٢) انظر: "الحيوان" (٢/ ٢٩٠).
(٣) انظر: "الحيوان" (٧/ ٣٣).
(٤) الأسر: احتباس البول، وفي "الحيوان": "الأسن"، يقال: أسن الرجل إذا دخل البئر فأصابته ريح منتنة فغشي عليه، أو دار رأسه، وهذا المعنى أليق بالسياق، ينظر: "الصحاح" (٢/ ٥٧٨) (٥/ ٢٠٧٠).