به عباده، وأحقّه على نفسه، والفرق بين الدارين من وجوه عديدة شرعًا وعقلًا (١):
أحدها: أن الله سبحانه أخبر بأن نعيم الجنة ما له من نفاد، وأن عطاء أهلها غير مجذوذ، وأنه غير ممنون، ولم يجئ ذلك في عذاب أهل النار.
الثاني: أنه أخبر بما يدل على انتهاء عذاب أهل النار في عدة آيات، كما تقدم، ولم يخبر بما يدل على انتهاء نعيم أهل الجنة، ولهذا احتاج القائلون بالتأبيد الذي لا انقطاع له إلى تأويل تلك الآيات، ولم يجئ في نعيم أهل الجنة ما يحتاجون إلى تخصيصه بالتأويل.
الثالث: أن الأحاديث التي جاءت في انتهاء عذاب النار لم يجئ شيء منها في انتهاء نعيم الجنة.
الرابع: أن الصحابة والتابعين إنما ذكروا انقطاع العذاب، ولم يذكر أحد منهم انقطاع النعيم.
الخامس: أنه قد ثبت أن الله سبحانه يُدْخِل الجنة بلا عمل أصلًا، بخلاف النار.
السادس: أنه سبحانه يُنْشِئ في الجنة خلقًا ينعّمهم فيها، ولا يُنْشِئ في النار خلقًا يعذّبهم بها.
السابع: أن الجنة من مقتضى رحمته، والنار من مقتضى غضبه، وأن الذين يدخلون النار أضعاف أضعاف الذين يدخلون الجنة، فلو دام عذاب
(١) انظر: «الرد على من قال بفناء الجنة والنار» (٨٠ - ٨٣).