للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسّره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به"، قال: "ويسمي حاجته"، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح" (١).

فقوله: "إذا هَمَّ أحدُكم بالأمر" صريحٌ في أنه الفعل الاختياري المتعلق بإرادة العبد.

وإذا عُلِم ذلك، فقوله: "أستقدرك بقدرتك" أي: أسألك أن تقدرني على فعله بقدرتك، ومعلوم أنه لم يسأل القدرة المُصَحِّحة التي هي سلامة الأعضاء وصحة البِنْيَة، وإنما سأل القدرة التي توجب الفعل، فعلم أنها مقدورة لله ومخلوقة له، وأكد ذلك بقوله: "فإنك تقدر ولا أقدر" أي: تقدر أن تجعلني قادرًا فاعلًا، ولا أقدر أجعل نفسي كذلك.

وكذلك قوله: "تعلم ولا أعلم" أي: حقيقة العلم بعواقب الأمور، ومآلها والنافع منها والضار عندك، وليس عندي.

وقوله: "يسّره لي، أو اصرفه عني" فإنه طَلَبَ من الله تيسيره إن كان له فيه


(١) تقدم تخريجه، وهو في الترمذي برقم (٤٨٠).