للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعقلاء قاطبة يعلمون أن الكاتب مثلًا يكتب إذا أراد، ويمسك إذا أراد، وكذلك الباني (١) والصانع، وأنه إذا عجزت قدرته، أو عدمت إرادته بطل فعله، فإن عادت إليه القدرة والإرادة عاد الفعل.

وقولك: «لو كان ذلك أمرًا ضروريًا لاشترك العقلاء فيه»، جوابك: أنه لا يجب الاشتراك في الضروريات، فكثير من العقلاء يخالفون كثيرًا من الضروريات لدخول شبهة عليهم، ولا سيما إذا تواطؤوا عليها وتناقلوها، كمخالفة الفلاسفة في الإثبات لكثير من الضروريات، وهم جمع كثير من العقلاء.

وهؤلاء النصارى مذهبهم مما يُعلم فساده بضرورة العقل، وهم يناظرون عليه ويَنْصرونه.

وهؤلاء الرافضة يزعمون أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - لم يؤمنا بالله ورسوله طرفة عين، ولم يزالا عدوَّيْن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مترصّدَيْن لقتله، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام عليًا على رؤوس جميع الصحابة وهم ينظرون إليه جهرة، وقال: هذا وصيي وولي العهد بعدي، فكلكم له تسمعون، فأطبقوا كلهم على كتمان هذا النص وعصيانه.

وهؤلاء الجهمية ــ ومَن قال بقولهم ــ يقولون ما يخالف صريح المعقول؛ من وجود مفعول بلا فعل، ومخلوق بلا خلق.


(١) اضطرب في رسمها النساخ، والمثبت من «ط»، والجمع في التمثيل بين الباني والصانع شائع في كتب العقائد، انظر مثلًا: «الصواعق المرسلة» (٢/ ٤٩٣)، «المواقف» (٣/ ١٢).