للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]، وقال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: ١٩ - ٢٢]، وقال تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَّكَّرُونَ} [هود: ٢٤].

فمن سوَّى بين صفة الخالقية وعدمها، فلم يجعل وجودها كمالًا، ولا عدمها نقصًا؛ فقد أبطل حجج الله وأدلة توحيده، وسوّى بين ما جعل الله بينهما أعظم التفاوت.

وحينئذ فنقول في الجواب الحادي عشر: إذا كان الأمر كما ذكرتم؛ فلمَ لا يجوز أن يفعل لحكمة يكون وجودها وعدمها بالنسبة إليه سواء، كما أنه عندكم (١) لم يُحْدِث ما يُحْدِثه مع كون الإحداث والخلق وعدمه بالنسبة إليه سواء، فإنكم إذا جعلتموه فاعلًا بالإرادة، ووجود المراد وعدمه بالنسبة إليه سواء (٢)، مع أن هذه إرادة لا تُعقَل في الشاهد؛ فقولوا مثل ذلك في الحكمة، وأن ذلك (٣) لا يُعقَل، لاسيما والفعل عندكم هو المفعول المنفصل، فجَوِّزوا أيضًا أن يفعل لحكمة منفصلة، وأنتم إنما قلتم ذلك فرارًا من قيام الحوادث به، ومن التسلسل، فكذلك قولوا بنظير ذلك في الحكمة، والذي يلزم أولئك فهو نظير ما يلزمكم سواء.

الجواب الثاني عشر: أن يقال: العقل الصريح يقضي بأن من لا حكمة


(١) «م»: «عندما».
(٢) من قوله: «فإنكم إذا» إلى هنا ساقط من «د».
(٣) «م»: «كان».