للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا لمّا تفطّن بعض المعطلة لذلك طَرَدَ هذا الأصل، وقال: لا أثبت شيئًا البتّة.

ولهذا قال الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة: لا نزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة المشنّعين (١).

والمقصود أنا لا نجحد محبته سبحانه لما يحبه (٢)، وكراهته لما يكرهه لتسمية النفاة لذلك ملاءمة ومنافرة.

وينبغي التفطن لهذا الموضع؛ فإنه من أعظم أصول الضلال، فلا نسمي العرش حيِّزًا، ولا نسمي الاستواء تحيُّزًا، ولا نسمي الصفات أعراضًا، ولا الأفعال حوادث، ولا الوجه واليدين والأصابع جوارح وأعضاء، ولا إثبات صفات كماله التي وصف بها نفسه، ووصفه بها رسله: تجسيمًا وتشبيهًا، فنجني جنايتين عظيمتين: جنايةً على اللفظ، وجنايةً على المعنى، فنبدل الاسم، ونعطل معناه. ونظير هذا تسمية خَلْقه سبحانه لأفعال عباده وقضائه السابق: جَبْرًا.

ولذلك أنكر أئمة السنة كالأوزاعي، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن مهدي، والإمام أحمد وغيرهم هذا اللفظ (٣).


(١) أسنده غلام الخلال في "السنة ــ زاد المسافر" (١/ ٣٠٣)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (٧/ ٣٢٦)، وانظر: "إبطال التأويلات" (٢٩٧).
(٢) "م": "محبته سبحانه طاعتَه".
(٣) ينظر: "مجموع الفتاوى" (٣/ ٣٢٢ - ٣٢٦) (٨/ ١٣٣ - ١٣٤).