للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتابين قبل هذه الأمة، وهداهم إليه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة: «أضل الله عنها مَنْ كان قبلنا، فاليوم لنا، وغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنصارى» (١).

ونحن هكذا نقول بحمد الله ومنّه: القول الوسط الصواب لنا، وإنكار الفاعل بالمشيئة والاختيار لأعداء الرسل، وإنكار الحكمة والمصلحة والتعليل والأسباب للجهمية والجبرية، وإنكار عموم القدرة والمشيئة والحكمة العائدة إلى الرب تعالى من محبته وكراهته وموجِب حمده ومقتضى أسمائه وصفاته ومعانيها وآثارها للقدرية المجوسية.

ونحن نبرأ إلى الله من هذه الأقوال وقائلها، إلا من حق تتضمنه مقالة كل فرقة منهم، فنحن به قائلون، وإليه منقادون، وله مذعنون.

فصل

الأصل الأول: إثبات عموم علمه سبحانه، وإحاطته بكل معلوم، وأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، بل قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، والخلاف في هذا الأصل مع فرقتين:

إحداهما: أعداء الرسل كلهم، وهم الذين ينفون علمه بالجزئيات، وحاصل قولهم: إنه لا يَعلم موجودًا البتّة، فإن كل موجود جزئي معيّن، فإذا لم يعلم الجزئيات لم يكن عالمًا بشيء من العالم العلوي والسفلي.

والفرقة الثانية: غلاة القدرية الذين اتفق السلف على كفرهم، وحكموا بقتلهم، الذين يقولون: لا يَعلم أعمالَ عباده حتى يعملوها، ولم يعلمها قبل


(١) أخرجه البخاري (٨٧٦)، ومسلم (٨٥٦) من حديث أبي هريرة.