للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغشاوةً على أعينهم، فلا يخلص إليها الهدى، وإنما أضاف الله تعالى ذلك إليه لأن هذه الصفة قد صارت في تمكنها وقوة ثباتها كالخلقة التي خُلق عليها العبد.

قالوا: ولهذا قال تعالى: {كَلَّا بَل رَّانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤]، وقال: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: ١٥٥]، وقال: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، وقال: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٧].

ولعمر الله، إن الذي قاله هؤلاء حقّه أكثر من باطله، وصحيحه أكثر من سقيمه، ولكن لم يوفّوه حقّه، وعظَّموا الله من جهة وأخلّوا بتعظيمه من جهة؛ فعظموه بتنزيهه عن الظلم وخلاف الحكمة، وأخلّوا بتعظيمه من جهة التوحيد وكمال القدرة ونفوذ المشيئة.

والقرآن يدل على صحة ما قالوه في الران والطبع والختم من وجه، وعلى بطلانه من وجه.

فأمَّا صحته فإنه سبحانه جعل ذلك عقوبة لهم، وجزاء على كفرهم وإعراضهم عن الحق بعد أن عرفوه، كما قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ} [الصف: ٥]، وقال: {كَلَّا بَل رَّانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤]، وقال: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: ١١٠]، وقال: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة: ١٢٧].

وقد اعترف بعض القدرية بأن ذلك خلق لله تعالى، ولكنه عقوبة على