للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

قال القدري: قال الله عز وجل: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩]، وعند الجبري: أن الكل فعل الله، وليس من العبد شيء.

قال الجبري: في الكلام استفهام مقدَّر، تقديره: أفمن نفسك؟ فهو إنكار لا إثبات، وقرأها بعضهم: {فَمَنْ نَفْسُك}؟ بفتح الميم ورفع نفسك (٢)، أي: مَن أنت حتى تفعلها؟

قال: ولابد من تأويل الآية وإلا ناقض قوله في الآية التي قبلها: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: ٧٨]، فأخبر أن الحسنات والسيئات جميعًا من عنده، لا من عند العبد (٣).

قال السني: أخطأتما جميعًا في فهم الآية أقبح خطأ، ومنشأ غلطكما ظنكما أن الحسنات والسيئات في الآية المراد بها الطاعات والمعاصي التي هي فعل العبد الاختياري، وهذا وهم محض في هذه الآية، وإنما المراد بها النعم والمصائب.

ولفظ الحسنات والسيئات في كتاب الله يراد به هذا تارة، وهذا تارة،


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٨/ ١١٠ - ١١٤)، (١٤/ ٢٣٤ - ٢٤٥)، والمؤلف صادر عنه.
(٢) وهي قراءة شاذة، انظر: «الكامل» (٥٢٩)، «البحر المحيط» (٣/ ٧٢١).
(٣) «د» «م»: «من عند العبد» دون «لا»، والتصويب من «ج».