للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الشعراء: ١٩٨ - ٢٠١]، قال ابن عباس: "سلك الشرك في قلوب المكذبين، كما سلك الخرزة في الخيط" (١).

وقال أبو إسحاق: "أي: كما فعل بالمجرمين الذين استهزؤوا بمن تقدم من الرسل، كذلك سلك الضلال في قلوب المجرمين" (٢).

واختلفوا في مفسّر الضمير في قوله: {نَسْلُكُهُ}، فقال ابن عباس: "سلكنا الشرك". وهو قول الحسن.

وقال الزجاج وغيره: "هو الضلال".

وقال الربيع: "يعني: الاستهزاء".

وقال الفراء: "التكذيب" (٣).

وهذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد، والتكذيب والاستهزاء والشرك كل ذلك فعلهم حقيقة، وقد أخبر أنه سبحانه هو الذي سلكه في قلوبهم.

وعندي في هذه الأقوال شيء؛ فإن الظاهر أن الضمير في قوله: {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ} هو الضمير في قوله "سلكناه" فلا يصح أن يكون المعنى: لا يؤمنون بالشرك والتكذيب والاستهزاء.


(١) نسبه إليه في "البسيط" (١٢/ ٥٥١).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" (٣/ ١٧٤).
(٣) الفقرة مقتبسة من "البسيط" (١٢/ ٥٥٠).