قال القدري (١): لو كان خالقًا لها لزمته هذه الأمور.
قال السني: هذا باطل ودعوى كاذبة؛ فإنه سبحانه لا يُشتقّ له اسم مما خلقه في غيره، ولا يعود حكمه عليه، وإنما يُشتقّ الاسم لمن قام به ذلك، فإنه سبحانه خلق الألوان والطعوم والروائح والحركات في محالها، ولم يُشتقّ له منها اسم، ولا عادت أحكامها إليه، ومعنى عود الحكم إلى المحل الإخبار عنه بأنه يقوم ويقعد ويأكل ويشرب.
قال السني: ومن ههنا عُلِم ضلال المعتزلة الذين يقولون: القرآن مخلوق، خلقه الله في محل، ثم اشتُقّ له اسم المتكلم باعتبار خلقه له، وعاد حكمه إليه، فأخبر عنه أنه تكلم به. ومعلوم أن الله سبحانه خالق صفات الأجسام وأعراضها وقواها، فكيف جاز أن يُشتقّ له اسم مما خلقه من الكلام في غيره، ولم يُشتقّ له اسم مما خلقه من الصفات والأعراض في غيره؟!
فأنت أيها القدري نقضت أصولك بعضها ببعض، وأفسدت قولك في مسألة الكلام بقولك في مسألة القدر، وقولك في القدر بقولك في الكلام، فجعلتَه متكلمًا بكلام قائم بغيره، وأبطلت أن يكون فاعلًا بفعل قائم بغيره، فإن كنت أصبتَ في مسألة الكلام فقد نقضتَ أصلك في القدر، وإن أصبتَ في هذا الأصل لزم خطؤك في مسألة الكلام، فأنت مخطئ على التقديرين.
(١) في «م» ومتن «د»: «الجبري» خطأ، والمثبت من «ج» وحاشية «د»، وعليه يدل السياق.