للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتبارك وتعالى عن نسبة الشر إليه، بل كل ما نُسب إليه فهو خير، والشر إنما صار شرًّا لانقطاع نسبته وإضافته إليه، وإلا فلو أضيف إليه لم يكن شرًّا، كما سيأتي بيانه.

وهو سبحانه خالق الخير والشر، فالشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، وخلقه وفعله وقضاؤه وقدره خير كله.

ولهذا تنزَّه سبحانه عن الظلم الذي حقيقته وَضْع الشيء في غير موضعه كما تقدم، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها، وذلك خير كله، والشر وَضْع الشيء في غير محله، فإذا وُضِع في محله لم يكن شرًّا، فعُلِم أن الشر ليس إليه.

وأسماؤه الحسنى تشهد بذلك، فإن منها: القدوس، السلام، العزيز، الجبار، المتكبر.

فالقدوس: المنزَّه عن كل شر ونقص وعيب، كما قال أهل التفسير: هو الطاهر من كل عيب، المنزَّه عما لا يليق به، وهذا قول أهل اللغة.

وأصل الكلمة من الطهارة والنزاهة، ومنه بيت المقدس؛ لأنه مكان يُتَطَهَّر فيه من الذنوب، ومَن أَمَّهُ لا يريد إلا الصلاة فيه رجع من خطيئته كيوم ولدته أمه (١).

ومنه سمّيت الجنة: «حظيرة القدس»؛ لطهارتها من آفات الدنيا.

ومنه سمّي جبريل: «روح القدس»؛ لأنه طاهر من كل عيب.


(١) وهذه الفضيلة لبيت المقدس أخرجها أحمد (٦٦٤٤)، والنسائي (٦٩٣)، وابن ماجه (١٤٠٨) من حديث عبد الله بن عمرو، وقد تقدم تخريجه (١/ ٢٤).